موارد مائية ..!

مع كل بيان حكومي أو خطة سنوية رسمية يأتي التأكيد على ضرورة تنفيذ خطة وطنية لإعادة تأهيل مشاريع الري وإقامة السدود والسدات ورفع كفاءة مشاريع المياه, مع تقييم وقائع السدود وخطة لمراقبة استخدامها, إلى وضع حدٍّ للاستنزاف الجائر للمياه.. ومن يقرأ أو يتمعن جيداً بما حمله البيان الوزاري الذي تقدمت به الحكومة وناقشته أمام مجلس الشعب سيجد تكرار الطروحات حيال المحافظة على المياه وتنفيذ مشاريع رئيسة.
ما نقصده ليس ما تضمنه وهدف إليه البيان في مجال الموارد المائية, هذا المرفق المهم جداً وآليات المحافظة على كل قطرة.. لكن الإشارة المهمة هي ماذا فعلت وزارة الموارد المائية ومؤسساتها وشركاتها المختلفة في تنفيذ جلّ تلك التوجهات العامة طوال السنوات الماضية. وبمعنى أقرب يطرح السؤال: ماذا قدمت هيئة الموارد المائية المشرفة على واقع المياه والمعنية بالمحافظة على كل قطرة ماء..؟ هل كانت تدخلاتها ذات إيجابية ونفع عام.. أم غرقت بمتاهات وخطط ذات رؤى شخصية تختلف حسب تبديل الكوادر والإدارات..؟
للأسف من يتابع يلحظ مدى الترهل في واقع مشاريع الري الحكومية, وعدم نجاعة تدخلات هيئة الموارد المائية حيال مشاريع مهمة مثل تأهيل شبكات ري حكومية والتقييمات المطلوبة للسدود مثلاً ..! انشغلت الهيئة بصغائر الأمور و«التهت» بعقود مناقصات صغيرة وأمور إدارية تتعلق بخدمات موظف أو إجازاته السنوية, وتناست خططها الرئيسة الواجب وضعها تحت المجهر ومتابعة كل جزئياتها.. فهل للهيئة رؤية حول واقع الموارد المائية, وهل وضعت خريطة مائية للبلاد, وما هي طرائق استثمار المسطحات المائية إزاء الثروة السمكية, وهل الآليات منسجمة ومطبقة على الجميع بلا مواربة بمجال الاستثمار..؟ وما هو عدد ضبوطها حول عمليات الحفر الجائر للآبار الجوفية؟.
فقط على سبيل المثال .. شهدت حلب العام الماضي فيضانات كبيرة أدت إلى غمر مساحات شاسعة من الأراضي, وكله بسبب عدم تنظيم الأراضي والمجاري المائية بالطريقة المثلى.. وتساؤلات عديدة تدور في أهم مرفق على معيشة المواطن ..
الواقع ليس مبشراً إذا بقيت تلك النمطية سائدة في هيئة الموارد المائية والإدارات التابعة لها, ففي وقت سيطر الجفاف وحصلت المتغيرات المناخية التي توحي بأن المستقبل حيال المياه ليس بأحسن حال, الأمر الذي يحتمّ وجود إدارات تعمل بجدية عالية وعلى درجة من الموضوعية تضع في نصب أعينها المسؤولية وعظائم الأمور, مع تنفيذ مشاريع تأتي بفوائد المحافظة على كل قطرة ماء.. لا أن تبقى إدارات تقدم الخطب والاستراتيجيات وواقع مشاريعها مهلهل والاستنزاف للمياه يضرب بكل قواه أمام سكوت غير مبرر ..!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار