منذ أن انشق تنظيم ما يسمى “الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام” عن تنظيم “القاعدة ” يوم 9 نيسان 2013 عبر بيانه الشهير في هذا التاريخ، مضى الأول في محاولات إيجاد تمددات له في غالبية المناطق المضطربة التي تحفل بها الجغرافيا الممتدة من باكستان إلى المغرب، حيث ستفضي المحاولات إلى نجاحه في التأسيس لموطئ قدم له، بعيداً عن سورية والعراق، في سيناء وليبيا وصولاً إلى نيجيريا في إفريقيا، والنجاح عينه تكرر أيضاً في باكستان وأفغانستان اللتين ما انفكتا تشكلان بيئة خصبة للتطرف تتيح للقائم بالفعل إمكان الاستثمار فيه.
أطلق على فرع داعش الأفغاني اسم “ولاية خراسان” الاسم الذي سيرمز تاريخياً لمنطقة تمتد جغرافيتها على جزء من إيران وباكستان وأفغانستان في الوقت الراهن، حيث شكلت خلايا المنشقين عن حركة “طالبان” الباكستانية وكذا المنشقون عن تنظيم “القاعدة” بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان خريف العام 2001، النواة الأساسية للتنظيم الذي راح يعمل على توسيع قواعده بعيد الإعلان عن تأسيسه العام 2015، مستفيداً من عاملين اثنين، أولاهما التمدد الجغرافي الذي استطاع “داعش” الإرهابي تحقيقه في كل من سورية والعراق في تلك المرحلة، وثانيهما هو التلونات التي راحت تتلبسها حركة “طالبان”، والتي تمظهرت في محاولة التسويق لفكرة “الإمارة الإسلامية الأفغانية” التي عنت عدم اهتمامها بما يجري خارج حدودها، والأمر له بالتأكيد انعكاساته على سياساتها وكذا على نظرتها لـ”الغرب” حيث بات من الواضح أن الحركة، أي طالبان، تريد تأطير خلافها مع الولايات المتحدة في النظرة للحياة التي تتضمن القيم والسلوك والعادات والتقاليد، وأن الخلاف في هذه مجتمعة لا يعني بالضرورة افتراقاً في السياسة.
أعلن تنظيم “داعش خراسان”، بعيد تفجير “أبو عبد الرحمن اللوغري” نفسه في مطار كابول يوم 26 آب المنصرم، مسؤوليته عن الفعل، وفي تلك رسالة أراد التنظيم من خلالها التذكير بأنه موجود، بل ويمتلك من القدرات ما يمكنه من تحقيق اختراقات مؤثرة على المشهد الحاصل الذي كانت مقدماته قد نشأت في اتفاق شباط 2020 الموقع في الدوحة والذي كانت كلمة السر فيه هي أن التلاقي بين طالبان وواشنطن حاصل بفعل عدائهما المزعوم لداعش، ومن جهة ثانية أراد الأخير التذكير بأن النهج الذي أعلنه من قبل، والقاضي بقتال العدو البعيد “أي الغرب عموماً” لا يزال هو المعتمد، ولسوف يظل كذلك.