يتفاخر الرئيس الأمريكي جو بايدن بعملية الإجلاء التاريخية من أفغانستان (وفق تصريحاته) ويدافع عن إنجازاته الكارثية وفق مبدأ (ما حدا أحسن من حدا) في الوقت الذي ينشغل العالم أجمع بالنتائج المزرية للانسحاب الأمريكي من أفغانستان بعد عشرين عاماً من الوجود الأمريكي والمبالغ الطائلة التي تم صرفها هناك ولم يصرف سنت واحد منها لشق الطرقات أو بناء السدود وبقيت أفغانستان تعيش في ظلام الفقر والقهر والمرض والتخلف.
التوقعات الأمريكية ذاتها تشير إلى مستقبل أسود, فأفغانستان مرشحة لحرب أهلية طويلة الأمد وإلى نشاط إرهابي يهدد سكانها ويهدد دول العالم فيما تلاشت وعود الأمريكيين بتحقيق الديمقراطية..أما الأسلحة المتطورة ومخازنها وقطع الغيار الحربية فقد استولت عليها طالبان من جيش أفغاني بنته أمريكا وزرعت في قادته بذور العمالة والفساد ما جعله عاجزاً عن الصمود في وجه حركة طالبان التي من المفترض أن تكون قد أنهكت أمام ضربات الأمريكيين (المفترضة طوال عشرين عاماً).
لقد شاهد العالم فيديوهات تم بثها من مطار كابول تبين تحرك عناصر طالبان بمعدات عسكرية أمريكية.. فيما يقول القادة العسكريون الأمريكيون أنهم عطلوا تلك المعدات ولم يتركوا شيئاً يعمل إلا سيارات الإطفاء والإسعاف والمعدات ذات الأغراض المدنية متناسين أن الحركة قد تسلمت من دون قتال كل السلاح الأمريكي الذي تم تقديمه كهدية لحركة تم تصنيفها (إرهابية).
إن تاريخ التدخلات الخارجية الأمريكية في شؤون الدول الداخلية وكذلك مغامراتها العسكرية لم تنته بنتائج مشرفة من أيام الحرب العالمية الثانية التي وصمتها أمريكا باستخدام القنابل الذرية لتدمير هيروشيما وناكازاكي وإبادة مقومات الحياة فيهما لعقود طويلة مروراً بفيتنام والعراق وأفغانستان وفي سورية.. مع تأكيد أن الوجود الأمريكي لن يستمر إلى ما لا نهاية وسيكون إجلاء القوات العسكرية الأمريكية حتمياً لأن الشعوب لم تعد تحتمل السياسات الأمريكية الرعناء التي تعودت على نشر الخراب والفوضى تحت لافتة نشر الديمقراطية ومحاربة الإرهاب في الوقت الذي تفعل فيه العكس تماماً وعند افتضاح جرائم قادتها يتبادلون التهم استعداداً لتدخلات وجرائم أخرى لا تغير وجه أمريكا القبيح إلا إلى الأسوأ.