طلقة الرحمة على معمل العصائر
إن تصريح وزير الصناعة بأنه لا جدوى من إقامة معمل للعصائر في الساحل كان مفاجئاً وصادماً ليس فقط لمزارعي الحمضيات بل لأغلب الناس، وأثار الكثير من التساؤلات: لماذا هذا التناقض في المواقف والتصريحات ، ولمصلحة من يتم إجهاض هذا المشروع ؟ ولماذا لم يرَ النور والذي تم وضع حجر الأساس له باللاذقية من قبل رئيس الوزراء منذ عام 2015 ؟.
وهنا نؤكد أن وضع حجر الأساس من قبل رئيس الوزراء في حينها لا يمكن أن يكون اعتباطياً، وإنما جاء بناء على دراسات علمية وميدانية معمقة، شاركت فيها وزارات الزراعة والتعليم العالي والصناعة، والسؤال المحير: ما الأسس والمعايير التي استند عليها وزير الصناعة لكي يطلق طلقة الرحمة على المشروع بأنه لا جدوى من معمل العصائر لكون إنتاج الحمضيات أغلبه للمائدة وليس للعصير والتي تناقض جميع الدراسات القديمة، ولكونه للمائدة فهذه ميزة وليست تهمة ويصلح للعصير والاستهلاك المباشر، ما يعني أن السيد الوزير وأد حلم الكثيرين بهذا المشروع الذين كانوا يأملون منه استيعاب الفائض من الإنتاج والحصول على قيمة مضافة.
وهنا يحق لنا الرد على الكلام وإثبات عدم صحته بالآتي : إن أصناف الحمضيات السورية متنوعة وتكاد تشمل جميع الأصناف المعروفة عالمياً المائدة والعصيرية، والأصناف التي يمكن استثناؤها من أصناف العصيري هي “البوملي” و” اليافاوي” فقط ويمكن أن نستثني الدرجة الممتازة من أصناف الكلمنتين والبرتقال والفلنصيا باعتبار أسعارها كأصناف مائدة تفوق بكثير أسعارها كأصناف عصيري، وتؤكد العديد من المصادر المتخصصة بالحمضيات أن هناك أكثر من 50% من الإنتاج السوري من الحمضيات يمكن استخدامه كعصائر، وإذا كان الادعاء بأن المعمل من المعامل الضخمة والطاقة الإنتاجية الكبيرة، فيمكن استبداله بعدة معامل صغيرة توزع جغرافياً على مناطق الإنتاج أسوة بمعاصر الزيتون, حيث هناك نحو 1000 معصرة موزعة على الجغرافيا السورية، ما يخفف من تكاليف النقل وإيجاد مخازن لفائض الإنتاج.
كما أن تحويل الإنتاج إلى عصائر هو عملية ذات جدوى اقتصادية كبيرة، فالعصائر تحتاج مخازن للحفظ والتبريد أقل من المساحات الضخمة التي يتطلبها حفظ الثمار، ويمكن حفظ العصير لفترات أطول وسهولة بالتعامل تصديرياً، أضف إلى ذلك القيمة المضافة التي يمكن أن نحققها من مخلفات عصير الثمار والقشور في تصنيع المستحضرات الطبية أو العطرية وحتى الغذائية كالجيليه أو الهلام والتي تعادل تقريباً قيمة العصير نفسه.