أمريكا و”طالبان” ما بعد أفغانستان

لا يزال العالم يعيش حجم الصدمة التي حصلت في أفغانستان والسرعة المذهلة التي تهاوت بها المدن والمقاطعات الأفغانية تحت سيطرة “الطالبان” المصنفة كمنظمة إرهابية وفق قرارات مجلس الأمن..

صحيح أن الجميع كان يتوقع هذه النتيجة ودخول حركة “طالبان” إلى العاصمة كابول بما في ذلك الإدارة الأمريكية في غضون ثلاثة أشهر أو بعد انتهاء سحب القوات الأمريكية في نهاية شهر آب الحالي، لكن دخول “طالبان” إلى العاصمة وأمام أعين القوات الأمريكية وخلال ثماني وأربعين ساعة من تقديرات احتمالات حصول هذا الحدث خلال تسعين يوماً من الاستخبارات الأمريكية يجعل الجميع يميلون إلى نظرية المؤامرة في تفسير ما حصل ويتهمون إدارة بايدن بالتواطؤ مع “طالبان” وتسليمهم البلاد لفتح صفحة جديدة من التآمر على الشعب الأفغاني وعلى شعوب العالم وسعي هذه الإدارة للاستثمار في الإرهاب ووضع خطط جديدة للتعامل مع “طالبان” أو أن أمريكا قد منيت بهزيمة سياسية وعسكرية ستؤثر مستقبلاً في صورتها التي اهتزت وفي هيبتها التي انحدرت إلى الحضيض وفي الحالتين ينكشف ضعف الأمريكيين رغم فائض القوة التي يمتلكونها وتخليهم عن حلفائهم والغدر بهم.

أمريكا ستحاول الآن إعادة تدوير حركة “طالبان” والاعتراف بالحكومة الأفغانية المقبلة التي ستحكم “الإمارة” الإسلامية التي تم إعلانها من قياديي الحركة وما يرجح هذا الاعتقاد أن الإعلام الدولي المرتبط بالدوائر الأمريكية بات يلمع صورة “طالبان” وينقل تصريحات شبه إيجابية حول حرص “طالبان” على أمن السفارات والدبلوماسيين وحول عفوها عمن كان يحاربها وربما نسمع مستقبلاً عن تشكيل حكومة تشارك فيها قوى سياسية تحت قيادة “طالبان “وعندها يقول الأمريكيون إننا عند وعدنا وبأننا لن نعترف بحكومة “طالبان” إذا استولت على السلطة بالقوة ولكن “طالبان” لم تسيطر على العاصمة بالقوة وربما تتشارك ظاهرياً مع قوى سياسية أخرى في حكومة ظاهرها معلن ومضمونها إرهابي يشكل خطراً على الداخل وعلى الخارج وينفذ ما تريده أمريكا ضد دول الجوار أو بؤر التوتر وتحويل موازين الصراعات بما يخدم المصالح الأمريكية.

استيلاء “طالبان” وبهذه السرعة على كامل أفغانستان ستكون له انعكاسات خطرة على الأمن والسلم الدوليين ذلك لأن طباع الأفاعي لا تتغير حتى وإن غيرت جلودها وهذا ينطبق على أمريكا وعلى “طالبان” وعلى كل التنظيمات الإرهابية وعلى الدول التي تدعم تلك التنظيمات أو تحاول تلميع صورتها عبر وسائل الإعلام.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار