لم تمنع الظروف المعيشية المصحوبة بتدني مستوى الخدمات الأساسية مؤخراً، من إبداء المواطن تفاؤلاً حذراً من إمكانية حصول تغير ينعكس على معيشته مع صدور تشكيل الحكومة الجديدة، التي وإن كان التغير في فريقها طفيفاً لكنه شمل حقائب وزارية مهمة وتحديداً وزارة التجارة الداخلية، التي تركت بصمات ثقيلة على معيشته وخاصة بعد تقصيرها الواضح في ضبط السوق وترك المخالفين يسرحون ويمرحون على هواهم، مفرغة قانون حماية المستهلك الجديد من مضمونه المهم.
أعباء معيشية واقتصادية كبيرة مدرجة على طاولة الحكومة الجديدة، وتطلعات المواطن المنكوب في معيشته كبيرة أيضاً ولاسيما في ظل سريان حالة من اليأس في النفوس من جراء تكرار الأزمات ذاتها من دون إيجاد حلول منقذة تقي أسراً كثيرة شبح الفقر (المخيّم) وتمدها أقله باحتياجاتها الأساسية إلى حين تحقيق الفرج المنتظر، الممكن إنجازه عند استثمار إمكانات البلاد صناعياً وزراعياً وتحفيز الفلاحين والصناعيين على الإنتاج وضخ طاقات الشباب في سوق العمل وإشراك جميع فئات المجتمع بإعادة الإعمار تدريجياً إلى حين دوران عجلتها بالصورة المطلوبة بعيداً عن (كروش) الفاسدين كي لا تصدر قرارات جديدة تزيد الحياة الاقتصادية والاجتماعية سوءاً، وبما يحول دون اتساع دائرة الهجرة الحاصلة في الظل وخاصة في الوسط الصناعي وتحديداً في مدينة حلب، مع أنهم ظلوا متمسكين بتشغيل معاملهم حتى في أشد أوقات الحرب على سورية حرجاً في العاصمة الاقتصادية التي تعيش أسوأ أحوالها وسط حالة من الركود والجمود المخيف كنتيجة طبيعية للتغاضي المستمر عن مشكلاتها المتراكمة وعدم منحها الدعم الكافي لتشغيل صناعتها، التي لو عولجت عقباتها في وقت مبكر لكان ذلك كفيلاً بتفادي الكثير من المشكلات الاقتصادية الحاصلة اليوم.
ملفات كثيرة ضخمة وحجم عمل ثقيل ينتظر الحكومة الجديدة للخلاص من الوضع الاقتصادي القائم الذي لا يعد مسؤولياتها وحدها، حيث يفترض تكاتف وتعاون جميع الأطراف وتحديداً قطاع الأعمال، الذي يجب عليه التخلي عن نفعيته المعهودة في هذه الظروف والعودة إلى سابق عهده حينما كانت المسؤولية المجتمعية أحد أركان عمله وبقائه، فاليوم من حق المواطن بعد صبر سنوات طويلة التقاط أنفاسه والعيش في مستوى معيشي مقبول بعيداً عن (طوابير) المعاناة والركض المتواصل، وهذا سينعكس حتماً على تحسن الوضع الاقتصادي عند وجود حالة رضا ورغبة في الإنتاج والعمل، لكن بالمقابل هناك مسؤولية مشتركة تجاه وطن جريح لا بد من جهود مضنية لضمان عودته إلى إنتاجيته المعهودة ووقف خطوات تحوله إلى بلد مستورد واسترجاع ثرواته الزراعية والنفطية على نحو يكسر طوق الحصار والغلاء وينقذنا من واقع تقنين قاس فرض ظله الشديد على الحياة اليومية بعد إعادة الحياة في قطاع الطاقة من جديد.
rihabakebrahim@yahoo.com