الاهتمام برياضة الريف

لاشك في أن برونزية الرباع معن أسعد أثلجت صدورنا وزادت من تفاؤلنا بأن هناك أبطالاً حقيقيين قادرين على صنع الانتصار ولو بإمكانات فنية متواضعة لأنهم يملكون إرادة النصر ومؤمنون بوطنهم بأنه الأغلى وعلمهم الأسمى ونشيدهم الأقوى صوتاً، لقد أعاد بطلنا معن إلى ذاكرتنا انتصار غادة شعاع ابنة محردة عندما أهدت الوطن ذهبية أولمبياد أتلانتا 1996 في مسابقة السباعي وسيرة البطلين تكاد تكون متشابهة تماماً من حيث النشأة وهما من أبناء ريف حماة المعطاء، كما في كل أرياف وطننا التي تعد منبع المواهب التي تحتاج من يكتشفها ويؤهلها ويعطيها حقها في التدريب حتى تكون في قمة العطاء الرياضي، فليس غريباً أن يكون قدر هؤلاء الأبطال الذين يعيشون في ظروف صعبة أن يخترقوا بإرادتهم الصلبة والقوية وتصميمهم الكبير على صنع المعجزات للوصول إلى منصات التتويج العالمية، فمدرسة عائلة رشا وجغيلي والأسعد المتواضعة بإمكاناتها الفنية تمكنت من أن تصنع نجوماً رياضيين في رفع الأثقال وتصدرهم إلى العالم من صالات متواضعة جداً بتجهيزاتها الرياضية ليتوجوا على منصات التتويج العالمية أبطالاً، وما ينطبق على رياضة رفع الأثقال ينطبق أيضاً على العديد من رياضاتنا الأخرى.. فالسباح صالح محمد صاحب الإنجازات الكثيرة وهاني مرهج صاحب ذهبية أولمبياد موسكو للشباب في رياضة الجري من أبناء ريف دير الزور، وأبطال الملاكمة سومر غصون و أخواته كلهم أبطال من ريف جبلة تخرجوا في مدرسة والدهم أيضاً وغيرهم من الأبطال، ويكفي أن من يحمل رياضة الكرة الطائرة حالياً هم من أرياف ريف دمشق النبك ودير عطية ويبرود وسلمية من ريف حماة، والسودا وحصين البحر من ريف طرطوس، وكذلك كرة اليد التي نجد أن أهم أنديتها هي من حماة ودرعا والرقة، وغيرها من الألعاب التي لا تتوافر لديهم في أنديتهم الحد الأدنى من التجهيزات اللازمة ورغم ذلك تجدهم يعملون بجد ونشاط للوصول إلى المقدمة في رياضات مختلفة.
لذلك فإن التركيز على الألعاب الفردية والقوة في هذه الأندية الريفية التي يتمتع أبناؤها بقوة بدنية عالية هو المطلوب في المرحلة القادمة، وإجبار الأندية ريفاً ومدينة على التركيز عليها لأنها السبيل الوحيد للوصول برياضتنا إلى العالمية، وغالباً ما يكون هؤلاء الأبطال هم الأساس لبناء رياضي متين قادر على الاستمرارية وتحقيق الإنجاز الرياضي الذي يجعلنا في مقدمة الدول رياضياً، وخاصة أن كرتي القدم والسلة تأخذان اهتمام الأندية و لم تفعل شيئاً حتى الآن رغم كل الدعم المادي والمعنوي لهما، ورغم ذلك ما زلنا بعيدين في هاتين اللعبتين جداً عن العالمية وحتى القارية أو العربية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار