عويل الإرهابيين.. ومشغليهم
تتلطى أمريكا والدول الغربية وما يسمى “مؤسسة الاتحاد الأوروبي” وخلفهم الكيان الصهيوني صاحب المصلحة الأهم بإبقاء الوضع في محافظة درعا على ما هو عليه، دائماً خلف منابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية التي ليس لها من الإنسانية سوى الاسم لمواصلة شن الحملات الممنهجة على سورية لإشغال الدولة السورية ومحاولة إطالة أمد الأزمة فيها..
هذه الأطراف أهداف حملاتها المسعورة القريبة والبعيدة، وتوقيتاتها باتت معروفة للقاصي والداني.. ظاهرها يسمى «إنسانياً» يوحي بأن قلبها على السوريين وحريصة على حياتهم، وباطنها مواصلة وإطالة أمد الأزمة لغايات أصبحت معروفة لفصل المناطق السورية عن بعضها، وهذا سلوك الغرب المتجذر.. وهذه عاداته التي أمست معروفة عبر ماكينته الدبلوماسية والإعلامية وأذرعه الإرهابية يعمل على الاستثمار الرخيص للوضع الإنساني في درعا لغاية في نفسه، ألا وهي خلق بؤر جاهزة لتنفيذ مآربه، عند اللزوم..
حملات التحريض والنفاق هذه التي قامت وتقوم بها الحكومات الغربية من دون استثناء، بالتنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة وما يسمى «مؤسسة» الاتحاد الأوروبي بخصوص الأوضاع في محافظة درعا والتي أقل ما يُقال بها تندرج في سياق سياستها التي باتت معروفة للقاصي والداني والمعادية بشكل فظ وفاضح ومكشوف لا رمادية فيه، والمعادية لسورية رسمياً وشعبياً، وفي الوقت ذاته داعمة لكل أنواع الإرهاب بدءاً من العسكري مروراً بالسياسي وممارسة الحرب الناعمة وصولاً إلى الاقتصادي ورفع مستوى الحصار الاقتصادي الجائر مع مرور وتقادم الزمن على السوريين ومن يتعاطف معهم لتنفيذ أجنداتهم المعادية لسورية بسبب مواقفها الوطنية والقومية.. باتت مكشوفة وتأتي في أوقات ومواقف مدروسة وممنهجة لرمي ورقة من أوراقهم الأخيرة التي لا تعدو كونها محاولة فاشلة لرفع معنويات الإرهابيين من جهة، ولتخفيف الضغط عن أذرعهم الإرهابية التي تعمل وفق أجنداتها في المحافظة.
لا عجب.. فالدولة السورية لم تترك طريقة أو وسيلة أو وساطة إلا وجربتها -وهي أكثر حرصاً على أبنائها ممن يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري- في معالجة الأوضاع في درعا عبر الحوار وعدم الدفع نحو مواجهات ليكون المتضرر الأكبر منها الأبرياء.
المجموعات الإرهابية التي كانت ومازالت تعمل على تقويض ونسف أي اتفاق يبرم، وتسعى لتفجير الأوضاع في المنطقة بأوامر من مشغليها وخاصة الكيان الصهيوني الذي سعى ويسعى ويرغب أن تبقى درعا الخاصرة الجنوبية لسورية في حالة نزيف دائم، لإشغال الدولة السورية بذلك، وهذا ما يعيه السوريون جيداً.
سورية تؤكد أن مثل هذه المسرحيات والتمثيليات والحملات والافتراءات الكاذبة لن تثنيها عن القيام بمسؤولياتها تجاه مد يد العون والمسامحة والمساعدة لكل أبناء درعا.. ولكن بنفس الوقت هي جادة في مواصلة اجتثاث الإرهاب ومكافحته وتحرير كامل الجغرافيا السورية وبسط سلطة الدولة وإعادة الأمن والاستقرار إلى كافة ربوع البلاد، ولن يكون هناك استثناء هنا أو هناك في هذا المجال مهما علا صراخ الإرهابيين ومشغليهم.. أو من المؤسسات الدولية التي تدّعي الحياد بينما هي غائصة حتى أنفها بدعم الإرهابيين، وتقويض سلطة الدولة السورية منذ عشر سنوات عجاف. وهي مستمرة بذلك من دون خجل أو حياء.
إن ما تدّعيه الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي بخصوص الأوضاع في محافظة درعا كاذب ويتناقض مع تشديد إجراءاتها القسرية الأحادية المدمرة التي تتسبب بمعاناة إنسانية في سورية من جراء النقص الشديد في الدواء والغذاء والمياه والخدمات والأجهزة الطبية.. ولو كانت لندن و«مؤسسة الاتحاد الأوروبي» جادتين فعلاً في المحافظة على السوريين ومن بينهم محافظة درعا؛ لأدانوا ولو على خجل دعم حكوماتهم للإرهابيين بشكل مباشر.. أو غض الطرف عن سلوكياتهم التي باتت مكشوفة وملموسة.. ولو كانوا جادين لأدانوا احتلال أمريكا لمنطقة “التنف” التي باتت قاعدة متقدمة للإرهابيين وتزويدهم بالإحداثيات وخطط تنفيذ المهمات، وأيضاً أدانوا احتلال أمريكا للجزيرة السورية، وحرمان السوريين من ثرواتهم النفطية والغازية ومحاصيلهم الزراعية.. ولو كانت «مؤسسة الاتحاد الأوروبي» صادقة في مسعاها لأدانت احتلال النظام التركي للشريط الحدودي مع سورية (822 كيلومتراً وعمق 35 كيلومتراً)، وما يترافق معها من سياسة “تتريك” مستمرة منذ سنوات، ومحاولات طمس الهوية الوطنية السورية في مدارس المناطق التي تحتلها شمال وشمال غرب سورية.
سورية تعي أن الغرب، ومؤسساته ومعهم الاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني؛ يريدون من شماعة الوضع في درعا إدخال السلاح والعتاد والغذاء والدواء للإرهابيين.. لتبقى هذه المنطقة مثل النار تحت الرماد.. لإشغال ومشاغلة سورية بين الحين والآخر، وإبقاء الوضع على ما هو عليه لإطالة أمد الحرب والأزمة في سورية.
وهذا لن ينطلي على سورية، وتالياً لن تتحقق رغبة لندن والاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني مهما تلطوا خلف هذه الشعارات البراقة الكاذبة.
سورية إذاً ترفض كل ما جاء في بيان الحكومة البريطانية والاتحاد الأوروبي، وتستنكر وتستغرب التسييس مجدداً.. وتؤكد أنها الأم تضمد جراح الجميع وتقدم الترياق لأبنائها.. لا تعرف المنة ولا البخل ولا الضغينة، ولا تعرف الانتقام، لا تعرف الشماتة رغم علمها علم اليقين أن الإرهابيين وقادتهم كادوا لها وتآمروا عليها وعملوا ومازالوا يعملون بكل ما أوتوا من قوة على تدميرها، وهي مع ذلك تترفع على أن تكيل بمكيالهم.. هكذا هي الدولة السورية تنسى جحودهم وتفتح لهم ذراعيها لعلهم يعودون للصواب يوماً.. فهل من متعظ؟.