بصيص أمل..!

في ظل صخب معيشي وخدمي توقفت فجأة تلك التصريحات الرنانة الداعمة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي قد تشكل بصيص أمل لتحسين معيشة مواطنين كثر, وخاصة إن وجد سبيل لحلحلة عقدة المصارف وإلزامها بتمويل هذه المشاريع والتقليل من ضماناتها التعجيزية بطريقة تضمن توظيف كتلة أموالها الضخمة المكدسة من دون استثمارها في مشاريع مجدية وتحول طاقات الشباب المهملة إلى قوة منتجة.
مئات ألوف الشباب العاطل عن العمل لم يعودوا ينتظرون الوظيفة الحكومية لتأمين كفاف يومهم وليس بناء مستقبلهم، فالظروف القاسية حكمت وفرضت شروطها، حيث باتوا يبحثون عن فرص تمكنهم من تأسيس مشاريعهم الخاصة، وهذا لا يتحقق إلا بدعم جدي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وخاصة أن قانون الاستثمار الجديد لحظ المشاريع المتناهية الصغر وليس المتوسطة والصغيرة فقط، وتالياً المطلوب تهيئة البيئة المناسبة بعيداً عن المماطلات الإعلامية لتمكين جيل الشباب وحتى الأكبر سناً من إطلاق مشاريعهم الخاصة على نحو يساعد الاقتصاد المحلي بالوقوف على قدميه تدريجياً, ولاسيما أن الجميع متفق على أهمية هذه المشاريع لكن لم نلمس حتى الآن جدية في حل عقباتها المعروفة وتحديداً الشق التمويلي, وإن كان بالمقدور معالجة هذه الجزئية بعقد اتفاقية مدروسة البنود مع المصارف العامة وحتى الخاصة مع إصدار حزمة إجراءات تسهل إطلاقها وتخفف من مخاطر تعثرها، مع متابعة الجهات المعنية المستمرة لسير عملها لضمان دخولها حيز الإنتاج بكفاءة بما يحقق استثماراً مجدياً لطاقات الشباب والحيلولة من دون تهجيرهم واستفادة دول أخرى من مؤهلاتهم والمساهمة في الوقت ذاته بإيجاد رواد أعمال منتجين يشاركون في إعادة إعمار البلاد، غير قادمين من وسط قطاع الأعمال الذي يهيمن عليه عادة من يرث هذه المهنة أبّاً عن جد أو من استطاع تكوين ثروات من غامض علمه, وأصبحوا فجأة رجال أعمال بياقات وأموال ملوثة.
الاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة لا يزال للأسف في إطار الدعم الكلامي فقط، بينما الناتج الفعلي على الأرض صفر، ولنا في واقع هذه المشاريع في العاصمة الاقتصادية مثالٌ صارخ، فواقعها لا يبشر بالخير وخاصة في ظل التعامل معها بمنطق تجاري وأسلوب الجباية، فأين وصلت هيئة تنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة «الغائبة» في حل عقدتها المالية، ولماذا تفضل حصر نفسها في الشق التأهيلي وإعداد الدراسات فقط، وأين دور الغرف التجارية والصناعية من دعم هذه المشاريع الهامة ومتابعة نجاحها، ولماذا لا يشكل فريق عمل من الجهات المعنية وتحديداً المصارف لحلحلة عقدها ووضعها على طريقها الصحيح بالتوازي مع دعم القطاع الزراعي والصناعي لإنقاذ الاقتصاد المحلي ومعيشة المواطن المتردية، والوقت لايزال متاحاً برغم الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية .. فقط نحن بحاجة إلى إرادة وجدية تلمس على الأرض، فماذا أنتم فاعلون..؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار