لم يعتقد مسؤولو وزارة الكهرباء في أشد التوقعات سوءاً أن عبارة الترشيد الشهيرة «تخيل الحياة من دون كهرباء» الهادفة إلى حض المواطن على عدم الهدر، أن يصبح هذا التخيل واقعاً مريراً نتجرع كأس معاناة الحرمان من نعمة الكهرباء يومياً بسبب الحرب على سورية في ظل صيف ساخن يزيد الواقع المعيشي والاقتصادي سوءاً، فالكهرباء عماد الصناعة أصبحت تمر مرور الكرام على العاصمة الاقتصادية حلب على نحو أثّر في دوران عجلة إنتاج المعامل بطاقتها المطلوبة.
حال الكهرباء المتردي فرض خيار التوجه للاستثمار بالطاقات البديلة، التي كان قد انطلق العمل بها قبل الحرب على سورية لكن منظومة الفساد الضاربة جذورها في أعماق بعض مؤسساتنا فرملت هذا المشروع الحيوي الذي يحتاج إجراءات داعمة تضمن تمكين المواطن من شراء مستلزماته لأن جيوبهم لا تتحمل تكلفته العالية، وذلك بإطلاق قروض ميسرة لذوي الدخل المحدود بعيداً عن شروط المصارف التعجيزية، التي تحرم كُثراً من التفكير بالتقدم للظفر بالقرض المنتظر الذي صرح مسؤولو وزارة الكهرباء أن إطلاقه بات قريباً، وهذا ما نأمله على أن ترافقه تسهيلات تتناسب مع راتب محدود لا يسد النزر اليسير من احتياجات المعيشة، فكيف سيقدر على التفريط بجزء منه للحصول على قرض الطاقة البديلة، حيث يفترض أن تأخذ الجهات المعنية هذا الأمر بالحسبان لا أن تصدر تعليماتها والسلام.
استثمار الطاقات المتجددة الغنية في سورية بمقوماتها في توليد الكهرباء للمنازل والمعامل والمحال التجارية خطوة استراتيجية وضرورية وإن كان يفترض الظفر بثماره منذ عقود، لكن طالما فرضت الظروف الصعبة الحالية التوجه صوبها حتى مع تكاليفها المرتفعة، يتوجب تهيئة البيئة التحتية المناسبة وتوفير كل مستلزماته بأسعار معقولة مع توسيع نطاق عمله ليشمل جميع المجالات وتحديداً في المناطق الصناعية، وذلك وفق دراسات دقيقة تضمن عودة المنافع على الاقتصاد المحلي وليس تسريبها إلى جيوب المستوردين وشركائهم من «الفاسدين»، الذين قد ينجحون في قطف العطايا إذا لم تكن هناك رقابة فاعلة تمنع تمرير سلع رديئة يذهب ضحيتها المواطن عند دفعه مبالغ كبيرة للخلاص من شبح التقنين القاسي، ويبقى الأهم التوجه نحو صناعة ألواح الطاقات المتجددة ذاتياً، وهذا يمكن تحقيقه بكل بساطة عند تقديم الدعم والتسهيلات المطلوبة، ولنا تجربة رائدة في صناعة مستلزمات الطاقات المتجددة تستحق الاهتمام والإحياء من جديد بعد سنوات من محاولات إفشالها، وإذا وجدت الإرادة الجديدة لتحقيق ذلك ما عليكم سوى التوجه إلى مقر «سيرونكس» والتعرف على الشركة المنتجة لهذه الألواح وتقديم الدعم اللازم لإطلاق عجلة إنتاجها بغية تخفيف النفقات وإيجاد منتج سوري منافس بعيداً عن تحكم المستوردين والمهربين ومن لفَّ لفهم من الفاسدين.