«مكافأة» نهاية الخدمة
اتصل أحد الأصدقاء وزميل المهنة وبالكاد أسمع صوته المخنوق من شدة غضبه، وأمطرني بسيل من الكلام حول مشكلته وبعض المتقاعدين ممن تقاعدوا منذ حوالي السنة ونصف أو السنتين , حيث تم قطع رواتبهم من دون سابق إنذار، فرجوته أن ينقل مستوى الحديث من رشّاً إلى دراكاً كي أفهم المشكلة.
فعلاً ينطبق على حالهم المثل القائل: «فوق الموتة عصّة القبر»، فهذا الراتب في ظل الظروف الحياتية القاسية بـ«الكاد» وخطان تحت بالكاد يكفي لسد الرمق ليفاجأ المتقاعدون بأن الصراف يخبرهم بالنبأ السيىئ بأن رواتبهم محجوزة حتى إشعار آخر، وذلك من دون إعلان وسابق إنذار وهي المرة الأولى التي يحدث ذلك، وأتى هذا القطع في أحلك الظروف مع فترة عيد الأضحى واضطر المتقاعدون للانتظار بفارغ الصبر كل عطلة العيد التي وصلت إلى عشرة أيام من دون أن يعلموا ما السبب و فرض عليهم استقبال العيد بجيوب خاوية.
وبعد البحث والتمحيص مع أول يوم دوام بعد العيد تبين أن التأمينات الاجتماعية قطعت الراتب عن المتقاعدين الذين تقاعدوا منذ حوالي السنتين بحجة تقديم البيان العائلي لاستكمال بعض البيانات ومعرفة التبدلات الطارئة على حياة المتقاعد ومن المستفيد من هذا الراتب، وبعد تسليم البعض لبياناتهم كان الرد أنه يمكنهم استلام رواتبهم في العشرين من شهر آب وبذلك يكون قد انقضى شهران على هذا المتقاعد من دون راتب ومن دون مصدر دخل.
ألا يتساءل المسؤولون في التأمينات الاجتماعية كيف لهذا المتقاعد أن يتدبر أمره وكيف سيعيش ويأكل، وما التداعيات على حياته، وبأي حق يمكن قطع الراتب لهذا السبب غير المقنع؟
ثم أين الأتمتة التي صرعونا بها، لماذا لا يتم الاستفادة من ربط المعلومات مع «الأحوال المدنية» ومع الرقم الوطني, حيث يمكن معرفة كل المعلومات؟، ثم لماذا لا يصرف الراتب مباشرة لمن استكمل أوراقه ولماذا الانتظار إلى 20/8..؟
كل ما سبق (كوم) وتقديم البيانات ( كوم) آخر، فهي بمثابة العقوبة وإرهاق للمتقاعدين الذين يعاني أغلبهم جملة من الأمراض المزمنة والطارئة ويحتاجون الأدوية والمسكنات في كل حركة، وهذا المتقاعد المنهك أصلاً مضطر للدخول في معمعة الروتين والعمل الإداري المقيت وصعود ونزول الأدراج والتواقيع هنا وهناك…فهل هذه هي مكافأة نهاية الخدمة…؟