ليس مصادفة أن يثمر ما سموه “بالربيع العربي” حكومات إخوانية على الرغم من غياب الرصيد الشعبي للإخوان المسلمين في تونس وليبيا ومصر ضمن مشروع أمريكي يهدف إلى تفكيك المجتمعات العربية وتغذية الصراعات البينية ترجمة لما أوصى به مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق (برجنسكي) الذي نصح الإدارات الأمريكية المتعاقبة بدعم الإسلام السياسي كحصان رابح في سباق الهيمنة على المنطقة وتغييب القضية الفلسطينية.
لكن حكم الإخوان المسلمين لم يستمر طويلاً في مصر وليبيا وانكشف الدور التآمري لتلك الحكومات في تجنيد الإرهابيين ودعمهم بالسلاح وبالإعلام وفي المحافل الدولية خاصة وأن تلك الحكومات كانت تستمد قوتها من تبنيها للمشروع الأمريكي- الإسرائيلي ومن تمويل بعض مشايخ النفط والغاز.
لقد سقطت معظم الحكومات الإخوانية وكان لابد أن تتهاوى سلطة الإخوان في تونس بعد أن كشف الشعب التونسي جرائمها داخل تونس وفي سورية وارتباط “حزب النهضة” مع المشروع العثماني الأردوغاني وضلوع هذا الحزب في اغتيال المناضل التونسي شكري بلعيد وفي تجنيد الإرهابيين وإرسالهم لارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري وانتهاك هذا الحزب الذي يهيمن على مجلس النواب التونسي لأبسط القواعد الوطنية والديمقراطية بضرب البرلمانية التونسية (آمال موسي) تحت قبة البرلمان وأمام عدسات التلفزة وزيارات (الغنوشي) المشبوهة إلى تركيا الذي حاول التنصل من عواقبها بالقول إن تلك الزيارات كانت شخصية رغم أنه رئيس للبرلمان التونسي.
إن ما يجري في تونس هو شأن تونسي لكن ذلك لا يعفينا من القول إن تحجيم سلطات “حزب النهضة” ومطالبة الشعب التونسي بضرورة محاسبته على الجرائم التي ارتكبها من خلال إرسال الإرهابيين إلى سورية هو تصحيح لمسار خاطئ لا يتماشى مع التوجهات العروبية للشعب التونسي الذي يرفض التآمر على محيطه العربي ويرفض الانخراط في تنفيذ أحلام السلطنة التي تعشش في ذهن أردوغان الذي تآمر على دول الجوار وعلى مصالح الشعب التركي.