عيدية بـ«الجبر»..!

مع اشتداد لهيب موجة الحر ارتفع “دوز” الغلاء وارتفعت معه حرارة الجيوب، ليفسد ذلك بالتزامن مع تقنين كهربائي قاسٍ فرحة العيد في ظل غرق المواطن في ضغوط معيشية متواصلة، فالتجار أصروا على أخذ “عيديتهم” وكأن الأخير يعيش رفاهية مطلقة، مستغلين الغياب التام لرقابة تموينية نائمة خلال أيام العيد ووقفته، لدرجة أن “الحياء” لم يمنعهم من إصدار تسعيرتهم وسط استنكار المواطن من زيادة الأسعار الجديدة وكأنها حق مكتسب يُمنع الاعتراض والاقتراب وإن كان ذلك ينطوي على مخالفة جسيمة قوامها التلاعب بقوت العيش.
دأب التجار على فرض تسعيرتهم في الأعياد والمناسبات لتصبح عرفاً مشؤوماً، يعمل به ربما في دول عديدة لكن في أسواقنا المتروكة على غاربها تأخذ منحىً مختلفاً لكونها محكومة بإجراءات حيتان السوق، كنتيجة طبيعية لتنحي وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وتفضيل بعض عناصرها الظفر بعطايا دسمة وإبرام صفقات وتسويات من تحت الطاولة تدفئ الجيوب وتبقيهم في الجانب الآمن، أما المستهلك المنهك من كثرة الصعوبات المعيشية المرهقة فهو آخر الهم، وهنا نسأل بلسان النسبة العظمى من المواطنين الذين يشكون القلة والفاقة: ماذا لو ألغي دور “حماية المستهلك” هل سيلمس المواطن فرقاً في السوق؟ لأن وجوده من عدمه سيان بدليل مسلسل الاخفاقات المستمرة في حماية المستهلك وآخرها العجز عن ضبط أحوال السوق خلال فترة العيد، ولماذا لا يحاسب من عرقل مفاعيل قانون حماية المستهلك الجديد بعقوباته المشددة القادرة على ردع تجاوزات المخالفين المكشوفة؟ ولماذا لم نسمع عن تعاون مع اتحاد الغرف التجارية لمنع مخالفات تجارها المستمرة؟ أليس من المفروض أن تكون له سطوة أو أقله «مونة» على أولاد “الكار” بمن فيهم الدخلاء الجدد على نحو يسهم بضبط تجاوزاتهم بحق الاقتصاد والمواطن انطلاقاً من مسؤوليته الاجتماعية المفقودة خلافاً لسنوات الزمن الغابر حينما كانت كلمة شيوخ “الكار” كلمة “منزّلة” تسمع ولا ترد؟ …فكيف إذا كان الهدف مصلحة البلاد وأمن أفرادها؟
سرقة المواطن في جيوبه وفرحه أيضاً عبر منعه بهمة بعض التجار من عيش طقوس العيد بعد ما حرمته موجة الغلاء الجنونية من شراء أبسط مستلزماته، يحتاج آلية عمل مختلفة تضبط الأسواق في المناسبات مع اتخاذ إجراءات فاعلة لمحاسبة التجار المخالفين والمسؤولين المقصرين والفاسدين، وهذا ما نأمله من الحكومة القادمة لعلّها تعوض المواطن عن عيشه أزمات تقصم الظهور، الأمر الذي يتطلب دماء جديدة من أصحاب الكفاءات تقدر على ابتكار حلول منقذة تفك عقد اقتصادنا وتخلصنا من معيشة سوداء وتحيي وزارات “ميتة” حرصاً على المال العام ورأفة بحال مستهلك استهلكه الغلاء والفساد وأطاحا بكل تدابيره التقشفية.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار