وأصبحت حلماً ..!

قد لا تصح الاستعانة بالمثل الشعبي القائل “الخيار والفقوس” على تميز أسعار الخضار والفواكه عن بعضها، فكل هذه المنتجات المزروعة محلياً مشتركة في داء الغلاء الكاوي، لكن يبدو أن “الخيار” الذي له من اسمه نصيب قد كسر هذه القاعدة بعد أن تصدّر قائمة الخضار “الهاي كلاس” نتيجة ارتفاع مؤشر سعره المفاجئ بلا أسباب منطقية وخاصة أنه في عزّ موسمه وكان يتوقع أن يشهد انخفاضاً هللت له ألسنة المسؤولين في الشأن الزراعي والتمويني، إلا أن التجار كان لهم رأي مختلف فحصل العكس وكما أرادوا دوماً.
ارتفاع أسعار الخضار والفواكه في مواسمها حرم مواطنين كثراً من تناول هذه المنتجات بما فيها الخيار، الذي يفترض أن يبقى سلعة أساسية على المائدة السورية لكون أرضنا تجود بزراعته والفلاح يبيعه بأبخس الأثمان فكيف قفز سعره من غامض علم الفلاح المسكين إلى هذه المستويات من دون أي استفادة تذكر في حين “كوش” التجار على اختلاف تسمياتهم على “البيضة والتقشيرة” في غفلة من وزارة التجارة الداخلية وشركائها من الجهات الرسمية والمنظمات الشعبية، الذين يتحملون هذا الفلتان السعري من جراء عجزهم عن ضبط مخالفات حيتان السوق وحتى أسماكه الصغيرة، إضافة إلى الخلل الواضح في عمليات التسعير التي تترجم في نشرة تموينية لا تقدِّم ولا تؤخّر ولاسيما أن مضمونها يدون حسب أسعار التجار إن لم نقل بموافقتهم أيضاً.
لماذا لا تتدخل مؤسسة “التدخل الإيجابي” عبر وسائل نقلها وبراداتها في شراء هذه المنتجات من الفلاحين وطرحها في صالاتها والأسواق الشعبية بأسعار معقولة لكونها من إنتاج أرضنا وليست مستوردة من المريخ حتى يصبح تناولها حلماً لبعض الفئات الفقيرة ومحدودة الدخل.
غلاء أسعار الخضار والفواكه في عزِّ مواسمها يعد التصدير أحد أسبابه حتى لو رفض البعض ذلك، وهنا إذ نشجع على زيادة الحركة التصديرية لأهميتها في تعزيز اقتصادنا لكن في المقابل يفترض دراسة الكميات المصدرة بدقة وتصدير الفائض عن السوق فقط وأن توجه عوائده إلى الخزينة وليس إلى جيوب بعض التجار وشركائهم الفاسدين، فالمواطن الصابر على كل هذه الأزمات من حقه تناول منتجات أرضه بسعر مقبول بدل اضطراره إلى شراء أشباه منتجات مزورة أو مهربة أو مستوردة بنخب عاشر، بينما ينعم مواطنو دول أخرى بمنتجات أرضنا الطيبة لاعتبارات غير موفقة في ظل الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضت علينا واقعاً معيشياً صعباً وسوء إدارة بعض صناع القرار وعجزهم عن إنتاج حلول منقذة تحفظ ماء الوجه وتعوِّض المواطن المنكوب في لقمة عيشه خيراً بتحسين واقع جيوبه.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار