هل أدركت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن مشكلات العالم لن تجلب للأمريكيين إلا الصداع، وأن حلم السيطرة على العالم لا يمكن أن يتحقق بافتعال الأزمات أو من خلال التحالف مع التكفيريين؟
هذه الأسئلة وأسئلة كثيرة أخرى تطرح ذاتها مع وصول السياسات الأمريكية إلى طريق مسدود في أفغانستان وفي الشرق الأوسط وفي كل المناطق التي أشعلت فيها النزاعات والأزمات .
يبدو أن إدارة بايدن وصلت إلى قناعة أكيدة بأن هذه المشكلات لا يمكن التغلب عليها إلا من خلال التعاون وتبادل المصالح مع بعض الدول الكبرى والدول الإقليمية لتخفف الأضرار قدر الإمكان عن الأمريكيين بالدرجة الأولى.
ولعل المأزق الأصعب الذي تواجهه أمريكا الآن هو الانسحاب من أفغانستان ولاسيما أن «طالبان» باتت على وشك السيطرة على معظم المناطق لدرجة أن «البنتاغون» وضعت خطة طوارئ لإجلاء طاقم السفارة الأمريكية في كابول فور تعرضها لأي «تهديد إرهابي» وفق تصريحات الأمريكيين أنفسهم .
لقد انعكس هذا الفشل الأمريكي وهذا القلق بإرسال وفد رفيع إلى موسكو للتباحث في حل بعض الأزمات الدولية ومنها الأزمة الأفغانية والأزمة في سورية والعراق، وحمل الوفد بعض الوعود الإيجابية في هذا المجال أشار إليها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تعليقه على زيارة الوفد الأمريكي، واعتبر ذلك ترجمة لما اتفق عليه الرئيسان بوتين وبايدن في اجتماعهم الأخير في جنيف، كما لوحظ من تصريحات الخارجية الأمريكية استعدادها للعودة إلى فيينا لمتابعة المفاوضات غير المباشرة مع طهران لإحياء الاتفاق النووي.
إن العالم وحسب تقارير المنظمات الدولية المختصة يعيش أسوأ الأوضاع عبر التاريخ في المجالات الأمنية والاقتصادية والسياسية والبيئية وارتفاع أعداد اللاجئين والجياع، وهي مرشحة لمزيد من التفاقم إذا لم تسارع إدارة بايدن إلى التنسيق والتعاون مع روسيا ومع غيرها، وعليها أن تصدق في وعودها وأن تفي بالالتزامات التي قطعتها سابقاً وحالياً، لأن الوضع الدولي مهدد بالانفجار في أي لحظة، حيث لم تعد الوعود الأمريكية الكاذبة قادرة على تخدير الآخرين.