«شرعنة» الكذب والنفاق
تتلطى أمريكا والدول الغربية والنظام التركي، ومن خلفهم الكيان الصهيوني وبعض العربان خلف منابر الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الإنسانية لمواصلة شن الحملات على سورية.
أهداف هذه الحملات المسعورة القريبة والبعيدة باتت معروفة للقاصي والداني، ظاهرها يسمى «معابر إنسانية»، وباطنها مواصلة الدعم للإرهابيين.
تعلم الأطراف السابقة الذكر، علم اليقين أن ما دخل ويدخل من إجمالي الاحتياجات المقدمة هو أقل من 5%، لكنها تريد كما العادة وضع مواد الإغاثة، الأسلحة والمتفجرات ورواتب قادة المجموعات الإرهابية، ومواد كيماوية لتكون «عدةً» لمسرحيةٍ ملفقة تتهم الدولة السورية.
ليس بخافٍ على أحد أن هذه المساعدات المزعومة والكاذبة تستخدم أداة لمواصلة دعم الإرهاب وتمويله، وهذا ما خبرته سورية منذ صدور القرار من مجلس الأمن في تموز عام 2014 حتى اليوم، وكل ما تريده الدول الغربية من خلف «المساعدات الإنسانية» هو إطالة أمد الأزمة في سورية لغايات أصبحت معروفة لفصل المناطق السورية عن بعضها.
الغرب وكعادته، وعبر ماكينته الدبلوماسية والإعلامية يعمل على الاستثمار الرخيص للموضوع الإنساني لغاية في نفسه، ألا وهي انتهاك سيادة سورية من جهة، ومن جهة أخرى توفير وتأمين كل حاجيات المجموعات الإرهابية المادية والمعنوية تحت غطاء الإنساني، متجاهلة معاناة السوريين من جراء الحصار والعقوبات اللاشرعية.
لقد أصبح واضحاً أن منابر الأمم المتحدة كل همّها إعداد تقارير معلبة لتعطي صك براءة أو تصدر أحكام إدانة وفقاً لأهواء وأجندات الدول التي تتحكم فيها.
سورية مستمرة في تلبية الاحتياجات الإنسانية لمواطنيها وتوفير الدعم لمحتاجيه للتخفيف من الانعكاسات السلبية التي خلّفتها الحرب الإرهابية المفروضة عليها منذ ما يزيد على عشر سنوات عجاف.
إن ما تدّعيه الدول الغربية من «حرص إنساني» على حياة السوريين كاذب ويتناقض مع تشديد إجراءاتها القسرية الأحادية المدمرة التي تسببت بمعاناة إنسانية في سورية من جراء النقص الشديد في الدواء والغذاء المياه والخدمات والأجهزة الطبية.
لو كان مجلس الأمن، ومن خلفه ما يسمون «الكبار» جادين فعلاً في التخفيف من معاناة السوريين لأدانوا ولو على خجلٍ اشتراك أكثر من 120 دولة بسفك الدم السوري على يد ما يزيد على 400 ألف إرهابي في الحرب على سورية، وأدانوا فتح الحدود لتدفق المزيد من الإرهابيين.. وأدانوا احتلال أمريكا للجزيرة السورية و”التنف”، وحرمان السوريين من ثرواتهم النفطية والغازية ومحاصيلهم الزراعية.. ولو كان مجلس الأمن حريصاً على حياة السوريين لفرض عقوبات على النظام التركي الذي كان الطرف الأساس في الحرب على سورية، والأهم احتجاز أكثر من 3 ملايين سوري في إدلب وريف حلب الشمالي ليكونوا ورقة ضغط يستخدمها النظام التركي لتقسيم سورية واحتلال المزيد من أراضيها.
أيضاً لو كان مجلس الأمن جاداً في التخفيف عن السوريين، لأدان استخدام المياه سلاح حرب بقطع المياه عن محافظات الحسكة ودير الزور والرقة وجزء كبير من حلب، بل لو كان صادقاً لأدان سياسة «التتريك» المستمرة منذ سنوات، ومحاولات طمس الهوية الوطنية السورية من خلال تغيير الطابع الديموغرافي والإداري، وتغيير أسماء الطرق والساحات العامة وإطلاق أسماء عثمانية على الأراضي، و”تتريك” المناهج الدراسية ورفع العلم وترديد النشيد التركي في مدارس المناطق التي يحتلها شمال وشمال غرب سورية، وتشغيل شركات اتصالات تركية، وربط شبكات نقل الطاقة الكهربائية بالشبكة التركية، وفرض التعامل بالليرة التركية.
نظام أردوغان يذهب إلى أبعد من ذلك من خلال إقامة مجمعات سكنية بتمويل جمعيات مشبوهة، ولو كان المجلس جاداً فعلاً لأدان وشجب ومنع مباشرة النظام التركي بالتعاون مع مشيخة قطر بناء مستوطنات على طول الشريط الحدودي السوري- التركي 822 كيلو متراً من المتوسط غرباً إلى ضفاف نهر دجلة في أقصى الشرق، وبعمق 5-10 كيلومترات، وتوزيع هذه المساكن على الإرهابيين الذين يدينون لها بالولاء والوفاء والطاعة.
ولو كان مجلس الأمن جاداً أيضاً لأدان النظام التركي لتتبيع مدينتي الباب وجرابلس “لوالي غازي عنتاب” وعفرين لولاية “لواء اسكندرون” المحتلة أصلاً، وإعزاز وريفها “لوالي كلس”.. ولأدان أيضاً، إنشاء مدارس دينية تشرف عليها الأوقاف التركية تدرّس فكراً قريباً من «العدالة والتنمية».
السوريون خبروا مجلس الأمن و«السبع الكبار» وما يسمى “المجموعة المصغرة”.. ويعلمون أن هؤلاء يمارسون الخداع والنفاق والكذب.. ويعي السوريون جيداً أن الغرب عامة مع النظام التركي والكيان الصهيوني يريدون من مجلس الأمن “شرعنة ” إدخال السلاح والعتاد والغذاء والدواء للإرهابيين في الجزيرة السورية وإدلب.. لإضعاف الدولة السورية.
هذا ما يعرفه السوريون جيداً.. ولن تنطلي عليهم “اللافتات الكاذبة”.