عشرون عاماً والقوات الأمريكية موجودة في أفغانستان تحت حجة مكافحة الإرهاب وإعادة الاستقرار إلى ذلك البلد، لكن شيئاً من هذا القبيل لم يحصل باعتراف الإدارة الأمريكية ذاتها حيث أبدت مخاوفها من أمرين مع إعلانها الانسحاب من هناك والذي سوف يكتمل قبل الحادي عشر من أيلول القادم.
الأمر الأول هو اشتعال الحرب الأهلية في أفغانستان وسيطرة المجموعات الإرهابية على حساب سيطرة الحكومة الأفغانية.
الأمر الثاني خوفها على حياة الأفغان الذين تعاونوا مع القوات الأمريكية مع اقتراحات بترحيلهم خارج البلاد.
وما توقعه الأمريكيون بدأ يظهر للعيان حيث تزحف قوات طالبان لتحتل المزيد من المقاطعات الأفغانية وتهدد بالتقدم للسيطرة على العاصمة كابول ما يطرح الكثير من الأسئلة حول “الإنجاز” الأمريكي في ذلك البلد .
الوجود العسكري الأمريكي في أفغانستان وفي العراق وفي سورية هو احتلال طالت المدة أم قصرت ولا يهدف إلى محاربة الإرهاب أو حماية الأفراد والمجموعات التي تتعاون معه وإنما يقتصر وجود الاحتلال على إبقاء الأمور على ما هي عليه من فقر وفوضى وإرهاب تغذية الصراعات الإثنية والقبلية والطائفية وتمثيل دور الحكم لإدارة الأزمات وفق المصالح الأمريكية فضلاً عن سرقة الثروات، وهذا ما يدفعنا للقول إن الوجود الأمريكي الذي يعيش أيامه الأخيرة في أفغانستان سوف يلاقي المصير ذاته في سورية والعراق وأن جميع الذي يراهنون على الأمريكيين سيجدون أنفسهم منبوذين من محيطهم وأن الأمريكيين لن ولم يؤمنوا الأمن لأحد وإنما يبيعون الوهم ويسرقون خيرات الشعوب ويتركون جمر الأزمات تحت الرماد ليتم إشعالها في أي لحظة.
وبالتالي فعلى من يراهن على الوعود الأمريكية أن يتعظ ويصحح مواقفه قبل فوات الأوان.
لقد تزايدت الاستهدافات لقواعد الاحتلال الأمريكي في سورية والعراق رداً على الاعتداءات المتكررة على مواقع الحشد الشعبي وعلى كل القوى التي حاربت وهزمت “داعش” في سورية والعراق، وبالتالي فإن شعوب المنطقة لن تقبل استمرار التواجد الأمريكي إلى مالا نهاية، فقد بات هدف أمريكا واضحاً الآن والذي ينصب على تقوية قوى الإرهاب وتعميق الخلافات بين القوى المتواجدة على الأراضي السورية والعراقية ضماناً لاستمرار الأزمة وتصاعد التهديدات الإرهابية على دول المنطقة.
إن المطلوب من كل القوى الفاعلة في الإقليم أن تستفيد من الدروس وتؤسس لعلاقات تحترم سيادة البلدان وحسن الجوار لأن الاصطفاف وراء السياسات الأمريكية لم يجلب للمنطقة والعالم إلا الخراب.