تجّار بشهادات مرموقة
أن تمرض و تحتاج إلى مراجعة طبيب هذه الأيام معناه أنك ستعتمد على حظك في اختيار طبيبك، ولاسيما مع انتشار ظاهرة المتاجرة عند البعض واختلاف أجور المعاينة والتشخيص والعمليات بين طبيب وآخر وغيرها من الإجراءات الطبية التي ستحتاجها حالتك أو ربما يقررها لك الطبيب وتكون لست بحاجة لها أصلاً.
ليست حالة عامة ولا فردية, ربما تتكرر في أكثر من مكان أن تراجع طبيباً لوضع صحي أو عارض ألمّ بك فتفاجأ بأن التشخيص يتطلب إجراء إسعافياً بسيطاً لا يتجاوز العشر دقائق يطلب منك الطبيب مبلغ مئتي ألف ليرة كأجور يد فقط لإجرائه, عدا عن تكاليف المشفى، وتذهب إلى طبيب آخر للحالة نفسها وفي الساعة نفسها لتجد أن تشخيصه مختلف عن سابقه وأن وضعك يستلزم على وجه السرعة إجراء عملية استئصال لجزء من أعضائك الداخلية ويبدأ « بازاره» أيضاً في أن أجوره خمسمئة ألف ليرة, ماعدا أجور المشفى الذي ستختاره ويبدأ بطلب التحاليل التي يلزم إجراؤها قبل العمل الجراحي الذي ستخضع له، كل ذلك بعيداً عن التفكير بالتأثير النفسي السلبي على المريض من جراء إجراء عملية كهذه أو احتمال مضاعفاتها.
وبعد يومين من تلك المراجعات والتشخيصات المتباينة بين الطبيبين تراجع طبيباً ثالثاً لتكون المفاجأة بأن الوضع لا يحتاج إلا نوعاً واحداً وبسيطاً من الأدوية ولا يتطلب أي عمل جراحي.
لا نتحدث هنا عن قصة من الخيال بل حدثت بالفعل وكانت التشخيصات بين الأطباء الثلاثة متباينة.
وهنا نقول : أين الضوابط والأخلاق الطبية التي يفترض أن يتمتع بها الطبيب والتي غابت عند البعض ممن أساؤوا للمهنة ولزملائهم بعد أن أعماهم الطمع وحادوا عن الهدف الأساسي السامي لمهنتهم وحولوها إلى تجارة رابحة بامتياز مهما كان انعكاسها على المريض الذي ربما يضطر لبيع شيء من مقتنياته أو يضطر للاستدانة ليؤمن المبلغ المطلوب حفاظاً على صحته .
إن مهنة الطب من أسمى المهن فهي تخفف عن المرضى أوجاعهم وتسعى للحفاظ على حياتهم وهناك أطباء كالبلسم,على قدر عالٍ من النزاهة والكفاءة والخبرة والإنسانية وملتزمون بأهداف مهنتهم ونبلها, ولكن هناك من يعمل على تشويه صورة هذه المهنة ويتاجر بها ، فاسأل عن طبيبك قبل الذهاب إليه.