معاناة الآخر..!

لدينا عادات كثيرة نمارسها من دون أن ننتبه، وهي تدخل في نمط تفكيرنا وسلوكنا ومشاعرنا، من مثل: أنا أعاني من ظروف صحية قاسية، فأحسب نفسي أكثر معاناة من أي صديق أو قريب حتى لو تعرضنا للوعكة الصحية ذاتها، وعلى هذا المنوال يمكن الحديث في شؤون أخرى، كمقاربة الوضع الاقتصادي لأحدنا، فغالباً ما نظن أننا الأكثر عوزاً من الآخرين، وهذه مسألة لا علاقة لها بالظروف المعيشية الصعبة جداً في هذه الأيام. وسنجد من عدّ ذاته في يوم ما، ومن دون أن نعرف السبب، الأكثر تأثراً بما حدث للعراق على أيدي الاحتلال الأمريكي عام 2003، بل ونظراته وكلماته وعزلته، كلها كانت تقول وحدي الحزين على ما حصل..!. وستجد أيضاً بعض الأشخاص يقولون؛ لا تأثير لما نعيشه اليوم من صعوبات معيشية في ظل فقداننا لوسائل الطاقة، وغلاء الأدوية غير المتناسب مع دخل الموظف، وما نواجهه من صعاب، على ما نكتب، وفي أي شكلٍ أتت تلك الكتابة، والشاهد وجود أدباء عاشوا فقراء وأبدعوا في فترات سابقة، يقولون ذلك برغم أنه ليس من رصدٍ لحال الأدب والفنون عموماً طوال عشر سنوات من الفاقة والغلاء والبحث عن كل شيء، رغم ظروف الحرب على البلد ، والتي لم يعشها أي بلد آخر، في فترة سابقة أو في ظروف مماثلة، إذ إنها تتركت تأثيراً سلبياً على كل مناحي الحياة، وفي مقدمتها، صحتنا وتركت الأثر ذاته على منتجنا الإبداعي والفكري والفني، وشكله .. وما يهمنا في ضوء ما سبق السؤال التالي: ما الذي يدفع إلى ممارسة ذلك، هل هو نمط التفكير الذاتي الذي لا يكترث بما هو موضوعي، فأصحاب هذا التوجّه من دون أن يقصدوا هم في منأى عن الجماعة كممارسة نمط حياة ولذلك قد يغيب عن معظمهم دقة الملاحظة، لكن دون أن يكونوا في منأى عنهم كتفكير ومرجعية ثقافية؟ لعل الإجابة الدقيقة تكمن لديهم، فيما لو تأملوا هذه المسألة التي هي موضوع نقاش غير محسوم، فتأملها سيفيد كل الأطراف.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار