مشروع متكامل
بعد أربع سنوات من الجهد والاجتهاد الحكومي المشترك نستطيع القول إن بين أيدينا مشروع إصلاح إداري متكاملاً يمكن الاتكال عليه في المرحلة المقبلة في توجيه عمل جميع مؤسساتنا الإدارية والاقتصادية والخدمية نحو هدفين:
الأول .. إرضاء المواطن على تعدد مجالات عمله وإنتاجه ونشاطه اليومي واختلاف أماكن سكنه وتنوع مطالبه ورغباته.
والثاني .. ترشيق العمل المؤسسات بما يحقق المرونة في الإدارة والقيمة المضافة في الإنتاج والفائدة القصوى من استثمار الموارد وإنفاق الاعتمادات المالية ومكافحة حالات الفساد قبل استفحالها وصولاً إلى معدلات نمو اقتصادي جيد على الصعد كلها.
مؤتمر الإصلاح الإداري لم يترك (شاردة أو واردة) في هياكل الوزارات والمؤسسات التابعة لها إلا وطرحها على طاولات النقاش والحوار خلال الأيام الماضية فكانت نتائجه مرضية للجميع نظراً لمقدرة المشاركين بالمؤتمر على وضع اليد على الجرح في المؤسسات من ناحية الترهل والهدر وضعف الأداء والفاعلية، وميلان كفة الميزان الهيكلي فيها لمصلحة المديريات الإدارية على حساب الفنية والتشغيلية، واتساع الثغرات التي يمر منها الفاسدون بسهولة ويسر ..إلخ ، ما استدعى من المؤتمرين أن يرفعوا سقف التوصيات لتكون بحجم المشكلات الراهنة مطالبين بتقليص التضخم الإداري في الوزارات وإلغاء الازدواجية وحالات التشابك التي كانت تعرقل العمل وتجعله أكثر مرونة إضافة إلى إقرار إصلاحات في الإجراءات الإدارية والمالية المتعلقة بالتعاقد والترخيص في الوزارات ما يقلل من حالات الفساد ويقدم خدمة بمستوى أفضل ..
وأكثر ما يلفت الانتباه لدى قراءة البيان الختامي للمؤتمر هو اقتراح إحداث مديرية القياس والجودة في الوزارات مهمتها قياس وتتبع الأداء الفني والمهني للجهات التابعة لها ومتابعة نسب الإنجاز وتحسين الأداء .. ودعوته إلى إجراء مسابقة مركزية على مستوى الوزارات لاستقطاب الاختصاصات النوعية من خريجي الجامعات والمعاهد التقانية والطبية والعمالة المهنية لاستثمارها في دعم القطاعات الإنتاجية ومراجعة الفئات الوظيفية الخمس في الدولة لتراعي التطور في المستوى التعليمي للعاملين ويسمح لهم بتعديل أوضاعهم الوظيفية والحفاظ على الخبرات النوعية في القطاع العام .. إضافة إلى الاستثمار الأمثل للعمالة الفتية في الوزارات من خلال رفع معدلات تدريبها وتطوير مسارها الوظيفي والربط الفعلي بين المؤهل العلمي والخبرة من جهة ونوع العمل الذي يؤديه الموظف من جهة أخرى لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص وعدالتها.
لا داعي للقول إن ذلك ما كنا ننادي به منذ سنوات وربما عقود لأن الأمر أصبح اليوم واقعاً وثمرة جهود جماعية تصب في المصلحة العامة للمواطن والدولة، وما علينا سوى مباشرة تنفيذ مخرجات مؤتمر الإصلاح الإداري وشعاره (إدارة فعالة نحو مؤسسات ديناميكية)..!