“كالعيس في البيداء”

“كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول”
هذا البيت من الشعر يوصّف فعلاً واقع الحال بأزمة المياه التي تعانيها محافظة اللاذقية، فرغم وجود مصادر كثيرة ومتعددة من مياه الشرب ما زالت المحافظة بمدنها وقراها تعاني العطش.
والمحيّر بالأمر و يضع العقل بالكف أن هناك العديد من الينابيع التي تذهب مياهها هدراً نحو البحر، ومدن وقرى المحافظة تعاني نقصاً حاداً بالمياه، كنبع السن ونبع الفوار بجبلة وغيرها وغيرها …
كما أن هناك العديد من المشاريع التي قامت وتقوم بها المؤسسة العامة لمياه الشرب والموارد المائية هدفها دعم الوارد المائي لحل مشكلة النقص الحاد بالمياه في الصيف ، لكن وللأسف لم نَر تأثير تلك المشاريع على أرض الواقع، ومازالت أزمة شح المياه تلقي بظلالها القاتمة على كل تفاصيل الحياة اليومية وتزيد المعاناة، فالكثيرون يسهرون الليالي لا ينامون يترقبون المياه والكهرباء لملء خزانات منازلهم بالمياه، والبعض للأسف يخرج “بخفي حنين ” في نهاية المطاف ، فحين تأتي الكهرباء تكون المياه مقطوعة وحين تأتي المياه تكون الكهرباء مقطوعة و”حلها يا حلال”، فأغلب المنازل تحتاج مضخات لرفع المياه إلى الخزانات، ما يضطر الكثيرين لشراء صهاريج المياه لملء خزاناتهم للاستخدامات المنزلية الضرورية، وهنا تكمن المعادلة المتناقضة، الناس تشتري المياه والمياه تذهب هدراً إلى البحر، فالمشكلة ليست بوجود المياه لكن بإدارة المياه ومصادرها.
البعض يلقي اللوم على الكهرباء والتقنين الجائر، وأنها غير كافية لتغذية المحافظة بالمياه، والبعض يلقي اللوم على كميات الوقود الواردة وهي غير كافية لتأمين الكهرباء اللازمة، وطرف ثالث يلقي اللوم على التعديات الكبيرة على شبكة المياه، والذي يؤدي لحصول فاقد كبير بالشبكة وصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 50%، ورغم الأعداد الكبيرة من الضبوط ما زال الفاقد مستمراً ويلقي بظلاله وتأثيراته على شح المياه، وبالنتيجة المواطن ضائع بين تلك الاحتمالات…
ولذلك يناشد الناس الجهات المسؤولة بأن تستثني محطات الضخ من التقنين وأن يتم تزويدها بالكهرباء بشكل مستمر، وتأمين كميات الوقود اللازمة لتلك المحطات، بالإضافة إلى ضرورة وضع مشاريع المياه التي تم تنفيذها بالخدمة، فإذا لم تستثمر في هذه الضائقة فمتى سيتم استثمارها.
ويقول البعض إن نقص الكهرباء والذي يعود سببه الرئيسي للحصار الخانق على سورية، تعودنا عليه ووجدنا حلولاً أخرى ، لكن المياه لا يمكننا التعود من دونها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار