نادراً ما اشتريت بطيخة إلا وكان قلبها أبيض، لدرجة أنني بتُّ أتشهّى أن تكون زهرية، لعلّي أكسر هذا الحظ العاثر الأبيض، طبعاً ذلك برغم أنني أنتقيها من ذوات العود اليابس في نهايتها، إضافة إلى خبرتي بالـ«تطبيش» وسماع رنّة البطيخة وذبذباتها الداخلية، التي من المفترض أن تنبئني باحمرار لُبِّها، لكن عبثاً كانت جميع محاولاتي، إلا أن استسلمت مؤخراً لشرائها «على المكسر»، مع اشتراط أن تكون حمراء وحلوة، ولولا العيب لطلبت من البائع أن يكسر لي البطيخ الأصفر لأتذوقه قبل أن يخيب رجائي ويسودّ وجهي.
لكنني مع الزمن اكتشفت أن «حظّي البطّيخي» لا يقتصر على (الجبس)، وإنما يمتد إلى أمور حياتية عديدة، فدائماً أضبط وقت عودتي إلى المنزل على مواعيد التقنين الكهربائي، للاستفادة من المصعد، لاسيما أنني أسكن في الطابق السادس، لكن كثيراً ما علقت فيه، واضطررت لطلب النجدة للخروج من هذه «الورطة العويصة»، بسبب «لخبطات» ساعات الوصل والقطع، كما إن حظي العاثر يواصل ملاحقتي مع التقنين ومن دونه، إذ لمئات المرات وبعد أن أصعد الدرجات المئة وخمس وعشرين، أتذكر أنني نسيت إحدى الحاجيات الضرورية التي لا يمكن تأجيلها، ومع ذلك أواسي نفسي بأن صعود الدرج وهبوطه نوع من الرياضة المفيدة لتخفيف الكرش، لأستدرك أنني لست من أصحاب كروش الوجاهة أساساً.. وأيضاً كم من مرة صعدت في السرفيس، لأطلب منه التوقف بعد دقائق، بسبب إدراكي أنني نسيت هويتي لأعود مشياً بضعة كيلومترات تحت الشمس الحارقة، نادباً حظِّي وسوء حرصي، وغير ذلك الكثير، لدرجة أنني بتّ أتمنى لو أن جميع الأمور الحياتية تمتلك خيار «على المكسر»، حينها على الأقل سأتيقن من احمرار قراراتي وحلاوتها قبل أن أتورط بخيارات بيضاء و«مشرشة» لا تُحمَد عقباها.