الجزائر في مسارها الصحيح.. الأصيل

اعتمدت المعارضة الجزائرية منذ الأزمة الحاصلة في البلاد العام 2019، والتي أطلقت عليها العديد من وسائل الإعلام، “توصيف” الموجة الثانية من “الربيع العربي”، تصعيداً لفظياً يهدف إلى تكريس مشاعر الحقد والكراهية ضد قادة البلاد، وفي أتون ممارساتها تلك برزت نزعة واضحة في محاولة الانتقال من ذلك التصعيد إلى نظير له يدعو إلى ممارسة العنف، الأمر الذي من شأنه أن يفضي بالضرورة إلى خلق أخاديد في النسيج المجتمعي المستهدف، فيما الآمال المرجوة لهذه المعارضة أن تتسع تلك الأخاديد لتصير “خنادق” عازلة من الصعب ترميمها أو إلغاء دورها.

لكن ما جرى هو أن الغايات لم تحقق أهدافها، وقد استطاعت الحكومة في الجزائر احتواء المشروع بأقل الخسائر الممكنة، إلا أن ذلك لم يلغ هذا الأخير تماماً وإنما أدخله في مرحلة سبات مؤقتة بانتظار ظروف أخرى للخروج من الشرنقة.

لقد ذهبت تلك المعارضة بدءاً من شهر شباط المنصرم نحو خوض جولة جديدة برزت فيها شعارات كانت أكثر تطرفاً من تلك التي شهدتها الجولة الأولى سابقة الذكر، والحدث جاء بالتزامن مع إصرار الحكومة الجزائرية على إنجاز الانتخابات التشريعية في موعدها المقرر، وفي حينها رد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بالقول: “إن السلطة ماضية في مسار التغيير السياسي في البلاد، وإنها عاكفة على تحقيق مطالب الحراك المبارك والأصلي والأصيل، وإن من يملك رؤية مغايرة عليه الذهاب إلى الانتخابات التشريعية المبكرة لعرض بضاعته السياسية على الشعب”.

خاضت الجزائر يوم 12 حزيران الجاري انتخاباتها التشريعية الأولى ما بعد الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد منذ أكثر من ثلاث سنوات، وعبرها استطاعت القول إن قرار رسو المركب على بر الأمان لا رجعة فيه، ولربما كان من الأدلة التي يمكن ذكرها تأكيداً على صوابية ذلك الخيار، الهجوم الذي شنته الصحافة الفرنسية على تلك الانتخابات، والأمر هنا يصل في أبعاده إلى أكثر من الصحافة، فإن تهاجم صحيفة “اللوموند” وبألفاظ كان قد اعتمدها الرئيس إيمانويل ماكرون تلك الانتخابات، فذاك بالتأكيد يمثل فعل يتعدى حدود فعل الصحافة ليصل إلى حال من التواطؤ ما بين الأخيرة وبين النظام السياسي القائم في باريس التي لا تزال تحلم باستعادة “وصايتها” على الجزائر، وهي إلى اليوم لا تزال ترفض الاعتراف، والاعتذار، عن المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق الجزائريين إبان استعماره للجزائر، والفعلان هنا تأكيد على وجود حلم فرنسي لا يزال قائماً بوصاية ما على الجزائر قد يكون الولوج إليها ممكناً فقط من بين الشقوق التي تحدثها عادة حال الاضطراب السياسي.

من المؤكد أن إنجاز الجزائر لاستحقاقها السابق الذكر، يمثل خطوة مهمة على طريق إنجاز مشروع وطني شامل جدير بالاهتمام، وهي تسعى من خلاله إلى تطبيق نموذج خاص بها من الديمقراطية بعيداً عن النموذج الغربي، وهو ينبع بالدرجة الأولى من درجة النضج التي وصلت إليها طبقات المجتمع وشرائحه، ثم يراعي التوازنات القائمة بين هذه الأخيرة من جهة، وبين الحكومة الجزائرية من جهة أخرى، بما يضمن تحقيق الأمن والسلم الضروريين لإنجاز خطوات تكون أوسع مدى مما تحقق حتى الآن.

خلاصة الحديث الجزائر في مسارها الصحيح، والأصيل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار