انحراف عن الهدف
لم يكن إقرار افتتاح أسواق شعبية لبيع الخضار والفواكه من المنتج للمستهلك مباشرة من دون حلقات وساطة عبثياً، فهي بالفعل كفيلة إلى حد ما بخفض الأسعار بنسب معقولة.
إن ما شهدته مدينة درعا خلال العام الفائت هو افتتاح سوق واحد على كورنيش حي المطار, فيما الثاني الذي تقرر عند ساحة بصرى لم يرّ النور لكون الموقع حينها لم يكن مناسباً لبعده عن الأحياء السكنية وقلة حركة الناس بمحيطه، وعند انطلاقة الأول فعّل مكتب المحافظة التنفيذي بالتعاون مع فرع المؤسسة السورية للتجارة العمل فيه ولمس المواطن نتائج إيجابية تمثلت بحصوله على احتياجاته من الخضار والفواكه بأسعار معقولة لاختصار حلقات الوساطة، وهذه النتائج تحققت أيضاً في أسواق مماثلة افتتحت في مدن أخرى تحت جناح البلديات.
لكن المشكلة أن هذه الأسواق التي خصصت أماكنها للباعة مجاناً لتجنب تحميلهم أي تكاليف إضافية يمكن أن تزيد الأسعار للمستهلك لم تستمر بمسارها المحدد، وغابت عنها متابعة الجهات المعنية حتى غدت كغيرها، حيث لم يعد يصلها الإنتاج مباشرة من الفلاحين بل يتسوق باعتها بضاعتهم بعد مرورها بأكثر من سوق هال ووسيط بشكل يزيد من سعرها كثيراً.
وعلى سبيل المثال تورد البندورة حالياً لسوق هال مدينة طفس بحوالي 300 ليرة للكيلو وبعد مرورها بسوق هال مدينة درعا وصولاً لأسواق المفرق يقفز سعرها لنحو ثلاثة أضعاف، والحال يقاس على بقية الخضار والفاكهة وإن بنسب متفاوتة حسب العرض والطلب لكل مادة.
ما يأمله المستهلك في ظل ضيق حاله نتيجة دخله الهزيل أن يعاد تفعيل دور تلك الأسواق الشعبية لتحقق الغاية المنشودة منها بالبيع من المنتج للمستهلك مباشرة، وذلك من خلال تواصل المكتب التنفيذي في المحافظة عبر اتحاد الفلاحين وروابطه وجمعياته مع الفلاحين لتسويق إنتاجهم في تلك الأسواق مباشرة بلا أي وسطاء مع تقديم المحروقات للناقل بالسعر المدعوم للتقليل من أجوره الباهظة.. ويمكن أن يكون لفرع المؤسسة السورية للتجارة دور بارز في هذا المجال عبر تعاقده مع عدد من المزارعين واستقدام منتجاتهم وطرحها في منافذه أو في الأسواق الشعبية آنفة الذكر بعمولة بسيطة جداً.. فهل نلحظ على هذا الصعيد إجراءات ملموسة تخفف من وطأة الغلاء الفاحش عن الفقراء أم سيظل جشع واستغلال ( هوامير )الحرب على غاربه؟..