قناع “التغيير” المفضوح
نرمي كعرب كل أخطائنا ونكساتنا وإحباطنا، تقريباً، على الكيان الصهيوني، هذا الكيان حديث الزرع في الجسد العربي.
طبعاً كيان الاحتلال ليس بريئاً مما سبق، ولكن وبذات الوقت فالكيان نفسه، ليس بهذه “القوة” و”الحصانة” و”التماسك” و”الانسجام الداخلي” و”اليد الطولى” و”صاحب الكلمة الأولى والأخيرة” وبيده نهاية أي قرار في السلم والحرب، التي يدعيها، بل هو أوهن من بيت العنكبوت والسنوات الأخيرة عرّت ذلك.
لقد جاءت الانتخابات الصهيونية الأخيرة لتسقط ورقة التوت الأخيرة عن عورة هذا الكيان المغتصب ولا يهم هنا إن كان الحاصل مسرحية متقنة ومتفق عليها بين الممول والكاتب المنتج والمخرج والممثلين الأساسين والكومبارس وحتى جمهور المصفقين وهذا هو المرجح؟ أما لماذا هذه الثقة بوهن هذا الكيان وضحالته وانكشافه بعد سنوات من الكذب والخداع والتلفيق والتلون، فلدينا ما يعزز وجهة نظرنا وحجتنا.
فلا يعني وجود حكومة صهيونية جديدة باسم “التغيير” بالتناوب بين “لبيد وبينيت” اليمينيين المتطرفين العنصريين تلبس قناع التغير فقط لإطالة عمرها أياماً وشهوراً وهذا أيضاً سبب وراء إدخال لاعب “عربي- فلسطيني” لتكملة العدد ليس إلا إلى فريقهم الأساسي فقط لتلميع وجه “إسرائيل” القذر بأنها “ديمقراطية” أمام العالم زوراً وبهتاناً؟ ولكن هذا لن يغير من طبعها لأن الطبع يغلب التطبع وستبقى سياستها قائمة على العدوان والقتل والترحيل وقضم الحقوق العربية المشروعة، فضلاً عن دعم الإرهاب وكل ما من شأنه تقويض الدول العربية.
أليس هذا التكتيك المكشوف ينسجم مع ما يسمى قانون “يهودية الدولة” المقر 2018؟ هذا يقود إلى القول إن عمر هذه الحكومة التي جاءت على أثر ولادة قيصرية بتوافق ثمانية أحزاب عنصرية متطرفة ويمينية لن يكون طويلاً.
حكومة هي من أشد الكارهين للفلسطينيين والعرب والتي جاءت بفارق صوت واحد 60 إلى 59 وأربع انتخابات مبكرة بأقل من 3 سنوات وأبعدت نتنياهو عن السلطة بعد 12 سنة وهي المدة الأطول في تاريخ الكيان الصهيوني بل أطول من الفترة التي قضاها ما يسمى بمؤسس “إسرائيل” ديفيد بن غوريون، وهذا يشي بأن هاجس الأغلبية الذي أمن هذا الصوت “اليتيم” في الوقت الضائع قبل نهاية المسرحية قد يكون سبباً أيضاً في إسقاط هذه الحكومة الهشة أصلاً لأنها لا تحقق التوافق والانسجام كما تدعي، وجل هدفها هو إبعاد نتنياهو عن السلطة بعد هذا “التشريش” الطويل في الحكم وليس مبنياً على قاعدة حزبية وشعبية عريضة يضمن لها الصمود طويلاً والمهددة أيضاً من تمسك فريق واسع من الصهاينة بنتنياهو العنصري الشعبوي رغم أن أبواب السجن تنتظره منذ سنوات بتهم ثابتة ومؤكدة من وزن خيانة الأمانة والرشوة والاحتيال التي تلبسه كما اسمه لأنه بصريح العبارة وجههم الحقيقي.
وهذا ما سيدفع نتنياهو للتمترس وفعل أي شيء للبقاء في قيادة الليكود وافتعال أي شيء للعودة للسلطة كما فعل مؤخراً بافتعال حرب على غزة والتهديد بتوسيعها نحو لبنان تارة وإيران تارة أخرى لاستثمارها للبقاء في السلطة حتى لا يزج في السجن ويلقى نفس مصير غريمه بالأمس أيهود أولمرت بعد أن خرج من السلطة بأيام قليلة ولكن حسابات نتنياهو كانت فاشلة فخرج من العدوان على غزة مهزوماً خاسراً بل قطعت عصا المقاومة كل حبال نتنياهو التي كان يتسلق عليها.
أما ما يسمى حكومة “التغيير” الهشة فستحاول هي الأخرى استباق نتنياهو والتخلص منه مبكراً بإحداث “قانون” جديد يمنع البقاء في سده الحكم أكثر من دورتين لقطع الطريق عليه مستقبلاً معلنة بذات الوقت أنها على خلاف مع نتنياهو وليس مع “الليكود” حتى لا تفتح جبهة إضافية معه ومع أنصار نتنياهو .
إن جنون نتنياهو وعشقه للسلطة والدم من جهة، ومن جهة ثانية للهروب من التهم التي تشد الحبل حول عنقه يوماً بعد يوم ستدفعه إلى فعل أي شيء أو حتى شراء الصوت الذي أخرجه من الحكومة بأي طريقة ووسيلة وهذا سوف يزيد من خلط الأوراق والعنف، وهذا سوف يجعل الكيان الصهيوني يغوص أكثر فأكثر في مستنقع التشتت والعنف ويجعل البيت الصهيوني يحترق من الداخل.
هذا الاختلال والخلل قد يتسبب في إسقاط الحكومة الجديدة، لأن تجانسها هش ورخو رغم ما يجمعهم من تطرف وعنصرية مشبعة بالكراهية لكل ما هو غير صهيوني.
انتصرت غزة بفضل دعم محور المقاومة وأذهلت العالم مجتمعاً وهذا سرع من هزيمة نتنياهو ومن خلفه “إسرائيل” والحالة في الكيان الصهيوني تشي بعدم الاستقرار ووجود المزيد من الحقن والغليان بسبب الشحن من الأحزاب اليمينية فيما بينها وهذا النخر سوف يسرع بسقوطها مع هبوب أول عاصفة وإن كانت خفيفة لأنها تعيش هزيمة من داخلها.
فهل يتعلم المطبعون ويتعظون من دعم الغرب للكيان الصهيوني واسترضاء لوبياته في عواصمهم على حساب الحقوق العربية المشروعة.. خاصة بعد إنجاز محور المقاومة وانتصاره بمواجهة الحرب الرابعة للكيان الإسرائيلي على غزة وأعادت كل ما يتبجح به نتنياهو على مدار 12 عاماً إلى نقطة الصفر..!