لم تعد مقولة «الخلاف في الرأي لا يفسد للودّ قضية» مقنعة أو معمولاً بها، خاصة بعد التحولات الكبرى التي فرضتها وسائل التواصل الاجتماعي، بل بات اختلافي معك بالرأي يستدعي استحضار كل الأخطاء التي بدرت مني وعبر سنين طويلة، عن قصد أو غيره، وإلباسها الموقف الأخير والنهائي، وهنا فالخلاف يفسد كل شيء، وليس الودّ وحده!!.
تجلت الأنانية بأبهى أشكالها، بعد أن ظهرت «مقولة من ليس معنا؛ فهو ضدنا» أول مرة للعلن، كنوع من أنواع الديمقراطية الأمريكية، التي زُرعت في أدمغة تجار، وصناعيين، وصحفيين، وأدباء، وكتّاب تقارير أيضاً، بمرتباهم ومستوياتهم المختلفة، إن كان على هيئة «طقيق» البراغي، أو خبير في الفلسفة وصناعة الطعام ولف السندويش.
إن تمتدح شخصاً، فهذا «تمسيح جوخ »، أن تذكر إنجازاته ومهاراته الاجتماعية والسياسية والأخلاقية، وأن تمتدح أداءه, وتشير على تعاونه وقربه من الناس؛ فهذا تضليل!.. لكن أن تشتم هذا أو ذاك على الطالعة والنازلة كالمنشار بسبب أو بدونه؛ فهذه شجاعة وموضوعية، ويُصفق لها الكثيرون على اعتبار أن هذه الشجاعة ليس لها مثيل.
لا أعلم إن كان يُعاب على الإعلامي أن يرى بعينين، وأن يسمع بأذنين، وإلا فإن مئة صفة ستلاحقه حتى القبر؛ أولها: مرتهن، وليس آخرها مُضلل، وفي المنتصف «مسيح جوخ».. ومع قناعتنا أن إرضاء (القارئ حاجة لا تدرك)؛ فإنه لزاماً على هذا الصحفي، أو ذاك؛ أن يمتدح الأفعال الخيرة، وأن يُشير بكثير من القسوة على «الأفعال» المشينة، ومن يمارسها، حتى لو كان صاحبها أميراً، أو وزيراً، أو رجل أعمال.
نعم «تمسيح الجوخ»؛ صناعة رائجة تعرف من يُمارسها من النظرة الأولى، وهؤلاء لهم أسبابهم، وطرقهم في «التمسيح»، لكن مؤسساتنا الإعلامية الوطنية لم تدرج هذا البند في التدريب والترقية مع يقيني بوجود قلة ممن «يمسح» الجوخ وغيره؛ فالموضوعية هي فيصل الإعلامي وبها يقيم حجته!!.