جرأة موصوفة
لا تزال تشوب عمل الأسواق وعدد من الفعاليات الصحية والزراعية وغيرها الكثير من المخالفات وخاصةً منها تلك الجسيمة الضارة بالصحة، مدفوعة بجشع تجار الأزمة الذين لم يشبعوا بعد من نهب ما في جيوب الفقراء.
الملاحظ أن مخالفات الأسواق لم تعدّ تقف عند التغول في فرض أسعار باهظة لتحقيق أرباح فاحشة، بل تخطت ذلك إلى حدّ التمادي في استمرار حيازة وبيع مواد غذائية منتهية الصلاحية واستخدام مواد أولية تدخل في صناعة الأغذية فيها عفونة أو حشرات، كذلك إدخال إضافات غير مسموح بها مثل بعض الملونات والمواد الحافظة وغيرها، وهو أمر لا يعقل التهاون معه لتأثيره السلبي الكبير في صحة الإنسان.
وعلى صعيد المحاصيل الزراعية تجد عدة مخالفات جسيمة لا تقل خطورة، حيث لا يتوانى بعض ضعاف النفوس عن ري الخضراوات بمياه الصرف الصحي للتوفير في نفقات الري من الآبار أو لشح مصادر المياه من مشاريع الري الحكومية بفعل قلة الأمطار، غير آبهين بمدى خطورة الأثر المتبقي السام لتلك المياه الملوثة في الخضراوات وإضراره بصحة البشر، أضف لذلك الإفراط في استخدامهم الأسمدة الكيميائية والمبيدات في الزراعة وكذلك الهرمونات مع بعض المحاصيل أو قطيع الثروة الحيوانية بشكل خطر على صحة الناس.
الأمر لم يقتصر على الغذاء بل لحق بالدواء، إذ إن بعض المشافي الخاصة لم يعد يشبع نهم أصحابها تقاضي أجور فلكية من المرضى في ظل غياب المعايير الناظمة لتسعيراتها أو التراخي في متابعتها وضبطها، بل فاقت جرأتها ذلك بكثير من خلال استخدامها أدوية متنوعة على رأسها المخدرة إضافةً إلى مستلزمات طبية من « خيوط جراحية ورؤوس إبر وسيرنغات ومفجرات وقثطرات قلبية وغيرها» من المواد المنتهية الصلاحية ومن مصادر أجنبية غير موثوقة، وذلك بدافع التوفير في النفقات ومن دون أي اعتبار لمدى تهديد ذلك لحياة المرضى.
إن تفعيل دور الأجهزة الرقابية كلّ حسب اختصاصه في ملاحقة وضبط المخالفات الجسيمة على تنوعها مستندة إلى المرسوم 8 الذي بدأ يأخذ مفاعيله على الأرض وغيره من القوانين والأنظمة النافذة في مختلف القطاعات ضرورة ملحة للحفاظ على حياة البشر، مع التنويه بأن ذلك التفعيل حتى يكون مؤثراً بالحد من تفاقم هذا الواقع يلزمه تدعيم تلك الأجهزة بالكوادر والآليات الكافية وتعزيز مؤازرتها من الجهات المختصة.