حَقَائِقُ التَّارِيخِ
لم يكن إقدام النظام التركي على إحداث ما يسمى “أمانة عامة للسجل المدني” في مناطق سيطرة الإرهابيين في إدلب مفاجئاً، فالهدف من سحب البطاقات الشخصية السورية والدفاتر العائلية للعائلات السورية واستبدالها ببطاقات ودفاتر عائلية تركية هو المضي في مشاريع ومخططات “التتريك”.
لقد بات واضحاً أن أردوغان يعاني جملة من العقد التاريخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية زاعماً كعادته زوراً وبهتاناً أن أجزاء من سورية والعراق وليبيا وقبرص واليونان وأرمينيا هي جزء مما هو قائم في مخيلة أردوغان ويسمى “تركيا العظمى”.
إن ما يسمى “فتحاً عثمانياً” ما هو إلا احتلال نهب أجداده خلاله كل ثروات وخيرات الدول العربية وعلى مدار 400 سنة وترافق هذا مع حملات التنجيد والتنكيل والإعدامات والسرقات والتهجير وما “التتريك” إلا استكمال للسياسة نفسها..
وكل هذا جرى تحت راية “إسلام” العثمانيين آنذاك.. وهذا ما يريد رئيس النظام التركي أن يعيده مما يسمى أمجاد أجداده عبر نشر «الإخونجية» بهدف نهب ثروات الشمال والجزيرة السورية عبر البطاقة التركية أو ما يتسنى له من المناطق العربية المومأ إليها، وهو في الحقيقة بهذا الفعل الشنيع والواضح والصريح يهدف من دون لبس لاتباع سياسة “التتريك” التي انتهجها أجداده وهو بذلك يحاكي السيناريو والنموذج الصهيوني بالاحتلال والاستيطان وقضم الأراضي السورية وتهجير أهلها بغير وجه حق بغية إطالة أمد احتلاله أطول فترة ممكنة.. وهذا يثبت للمرة الألف أنه رئيس نظام إسلاموي شعبوي عنصري موتور.. وهدفه نشر هذا الفكر “الإخواني” المرفوض أصلاً في تركيا والمنطقة والعالم.
للمرة الألف يسقط ادعاء أردوغان وشعاراته الجوفاء حول «صفر مشاكل مع الجيران» و«رافع راية الإسلام» بعد أن افتضح أمره أمام العالم وحتى شركائه في النظام, على أنه راعٍ لمجموعات إرهابية على اختلاف أسمائها وانتماءاتها بدءاً من «داعش» و«النصرة» وشقيقاتهما اللواتي اتخذن من أسماء “إسلامية” غطاء لهن.
لم يكتف أردوغان بدعم الإرهابيين في سورية بل إنه كان المهندس الأكبر لعمليات السرقة والنهب الممنهجين، وبات معروفاً للقاصي والداني بأنه لص مدان بالوثائق والصور الدامغة.
إحداث ما يسمى “أمانة عامة للسجل المدني” في مناطق سيطرة إرهابييه هي خطوة أخرى لتزوير التاريخ والجغرافيا وورقة إضافية يرميها على الطاولة بعد أن فشل في كل إجراءاته, من فرض المناهج التركية في المدارس واستخدام العملة التركية في التبادل التجاري واستبدال أسماء القرى والمدن والمدارس والشوارع والحدائق العربية بأسماء تركية.. ومنح الجنسية لكبار قادته الإرهابيين ومرتزقته وتوطينهم في الأراضي السورية المحتلة لتحقيق انتصارات وهمية كاذبة يلهي بها أنصار حزبه “الإخواني” قليلاً عن سلوكياته القذرة ويشغل قادة جيشه بانتصارات وهمية خلبية.
أردوغان يعي أنه على أبواب انفجارات وأزمات وارتدادات كبيرة قادمة سوف تطوله ولا تنفع معها سياسة الهروب إلى الخلف تارة وإلى الأمام تارة أخرى, وهو لم يتعلم من دروس التاريخ, فأجداده الذين احتلوا سورية وغيرها من الدول العربية لفترة طويلة من الزمن, ورغم قسوتها وممارسة كل أنواع الفساد والخراب والنهب و”التتريك” خلالها لكنهم في النهاية اندحروا منها وهم يجرون أذيال الخيبة والهزيمة, وهذا ما سيكون عليه مصير أردوغان ونظامه وحزبه “الإخواني”.
في المحصلة مهما فعل أردوغان ومهما طغى وتجبر وأينما استدار ومهما فرض من بطاقات شخصية وعائلية نكاية بالسوريين الأوفياء الذين يرفضون بقاء قواته وإرهابييه على أرضهم, ومهما أغرى مرتزقته بالأوسمة والعطايا والمنافع والأطيان من الأراضي السورية المحتلة كل ذلك لن يجديه نفعاً, فهزيمته واضحة وسقوطه آت، فالسوريون على مر العصور لم يستكينوا لمحتل ولم يتركوا غازياً ينعم بالأمان على أرضهم وسيكنسون أردوغان ومرتزقته كما كنسوا من سبقوهم فهذه حقائق التاريخ.