آخر أيام نتنياهو
لا يختلف اثنان على أن أيام رئيس وزراء كيان الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، باتت تعد على أصابع اليد الواحدة، بعد أن أبلغ يائير لابيد “المنتمي للوسط” رئيس الكيان الصهيوني رووفين ريفلين إتمام عقد حكومته، وهذا يعني أن نتنياهو سوف يترك السلطة بعد أكثر من 12 عاماً.. وهي أطول فترة لرئيس وزراء في تاريخ هذا الكيان الاستيطاني.
نتنياهو يعيش اليوم أصعب أيامه.. ويسعى بكل ما أوتي من قوة ومراوغة وتملص وابتزاز ووعود لهذا الحزب أو ذاك، وافتعال أزمات وهروب إلى الأمام تارة، وتارة أخرى إلى الخلف والتهديد بالحرب إن لزم الأمر طالما هذا ينجيه من الملاحقة والسجن كلما لمس أنه أمسى محصوراً في الزاوية.. وهو اليوم أكثر من أي وقت محشور فيها، بعد أن ثبت إتمام عقد الحكومة، وهذا ما دفع نتنياهو إلى ابتزاز وتهديد حتى أقرب وأهم حلفائه الولايات المتحدة بالقول: «إسرائيل ستختار إحباط برنامج إيران النووي حتى ولو على حساب التوترات مع واشنطن» يريد من ذلك خلط كل الأوراق لإفشال نيل حكومة لابيد “ثقة الكنيست”.
نتنياهو يتصرف كثور هائج يعلم أنه ذاهب إلى المسلخ للذبح، يرفس يميناً وينطح يساراً ويهدد أقرب حلفائه، ليس طمعاً بكرسي رئاسة الوزراء فحسب بل خوفاً من هلاك محتم بسبب ثبوت عشرات دعاوى الرشى والفساد وخيانة الأمانة بحقه. ومثوله ثلاث مرات في الأسبوع الماضي أمام المحاكم المختصة وهذا ما يخشاه، الأمر الذي يدفعه لفعل أي شيء لضمان مكان في رئاسة الحكومة.. حتى وإن كان شريكاً.. إذا لم يكن رئيسياً، بل الأهم ضمان بقائه في رئاسة حزبه «الليكود» بعد أن أفلس من تشكيل الحكومة للمرة الرابعة بشكل منفرد على التوالي رغم إعلانه للانتخابات المبكرة في كل مرة وهذا يعني أنه يقترب من المحاسبة أكثر فأكثر، فهرب إلى الأمام باتجاه حزبه عبر الإسراع في إجراء انتخابات تمهيدية مبكرة ليضمن بقاءه في رئاسة (الليكود) بعد أن شعر ولمس تعالي وتزايد الأصوات المطالبة بتغييره من أشد أنصاره داخل “الليكود” قبل أن يأخذ الحزب القرار معللاً ذلك ما دام نتنياهو في رئاسة الحزب.. لن ولم يعود إلى رئاسة الوزراء..
هذه المرة الخامسة التي ترفض فيها الأحزاب الصهيونية الكبيرة والصغيرة الدخول في ائتلاف إلى جانب نتنياهو وهذا سوف يدفع الأخير كما المرات السابقة إلى إسقاط الحكومة إن رأت النور بعد عدة أيام وإن طال عمرها شهوراً في أحسن الأحوال.. وهذا حل قديم جديد لنتنياهو حققه أربع مرات وتمت الدعوة لانتخابات جديدة مبكرة.. فهل انتهت صلاحية أوراقه وكشفت فصول مسرحياته.. ورمى بآخر أوراقه وحان الوقت ليترك كرسي الحكم بعد هذه الفترة الطويلة من خلق الحروب والأزمات وهي الأكثر دراماتيكية في تاريخ الكيان الصهيوني..؟
والسؤال: هل القادم أفضل من سابقه..؟
هذه حقيقة يعلمها الجميع أن الآخرين سواء يساراً أو يميناً.. محافظاً أو ليبرالياً.. (ليكود- البيت اليهودي- شاس- إسرائيل بيتنا).. هي تسميات صهيونية لإضفاء ما يسمى “ديمقراطية” وهي في الحقيقة كذبة كبيرة درج الاحتلال على تسويقها لكيانه الغاصب المحتل التوسعي الاستيطاني،فهم مجموعة من قطاع الطرق وجميعهم وجوه لعملة واحدة.. وما هذه المسرحيات والتمثيليات وكذبة الانتخابات المبكرة في كل مرة، وحتى المحاكمات هي صورية.. بينما في الحقيقة هي خطوات متفق عليها بالقلم والمسطرة وحزب متطرف يذهب وآخر متطرف يعود.. والآتي أسوأ من الذاهب وهذا ما أثبته تاريخ الكيان الصهيوني المشبع والمتخم بالجرائم داخل فلسطين المحتلة ومع الجوار القريب والإقليمي وحتى الدولي وأمام أنظار العالم ولكن الحق ليس على الصهاينة.. ولا على أحزابهم.. المتطرفة أو نصف المتطرفة. وإنما على بعض العربان الذين يثقون بالكيان الصهيوني ويطبعون معهم ويفتحون حدودهم وقلوبهم بعد هذا الكم من التوسع والاستيطان والحروب والاعتداءات.. ولم يشبع الكيان المحتل بل يطالب بالمزيد وبتحقيق حدوده المكتوبة على بوابة «الكنيست» (حدودك يا «إسرائيل» من الفرات إلى النيل).. فهل يعي العربان الذين يعدون الكيان الصهيوني صديقاً ويعادون أشقاءهم وجيرانهم بحجج واهية زوراً وبهتاناً.