الحرائق مجدداً .. مَنْ المستفيد؟
عودة مسلسل الحرائق للظهور مجدداً وعلى مساحات واسعة من حقول القمح والشعير وأشجار الزيتون والحمضيات من دون الوقوف عند حدود الحراج وما فيها من شجيرات سنديان وبلوط وصنوبر وكينا.. إلخ، أمر يدعو إلى الوقوف عنده وترتيب الفرضيات والاحتمالات التي تسببت بتكرار حلقات هذا المسلسل غير المرغوب بمشاهدته من قبل جميع المواطنين والمعنيين على حد سواء.
ما حدث في العام الماضي من حرائق امتد لهيبها وأذاها إلى معظم المحافظات ودخلت منازل وقرى لم تترك وراءها سوى الرماد والدمار والقصص المأساوية عن عائلات أصبحت بلا مصدر رزق ولا مأوى يكفيها شر العوز والإيجار حتى اليوم، يجعلنا اليوم نأمل ألا تعود المشاهد ذاتها عبر كاميرات التصوير إلى شاشاتنا الفضائية والأرضية كمسلسل يومي يشبه بعدد حلقاته أي مسلسل حزين آخر.
ورغم ذلك ومع عودة الحرائق نستنتج أننا لم نستفد من الدروس المأساوية ولم نستعد بما يكفي لعدم تكرارها، وما تم اتخاذه من إجراءات تتعلق بشق طرق نارية في بعض الأحراج والجبال وما تلاها من تشديد في مراقبة المحميات والثروة الحراجية وتعيينات لحراس جدد للحراج ورفدهم بسيارات إطفاء وغيرها لا يعدو سوى إجراءات بسيطة جداً لا ترقى إلى حجم المشكلة، ولا يمكن أن توقف مسلسل الحرائق مادامت الأسباب قائمة والمستفيدون من الحرائق لم تطلهم يد العدالة، والسوق مفتوحة أمام منتجات الحرائق من فحم وحطب، ولاحقاً كلنا يعلم إلى من ستؤول الأراضي المحروقة؟
نعم .. الجميع صار يعلم لماذا يتم حرق الغابات والمحميات والأحراج، لكن من غير المفهوم لماذا يعمد البعض إلى حرق حقول القمح والشعير والعدس وأشجار الزيتون والليمون والبرتقال والتفاح طالما لها أصحاب بمعنى؛ ليست أملاك دولة، وأن من واجب أصحابها حمايتها من السرقة قبل الحريق ومع ذلك هذا الأمر لا يتم أو ربما هو مهمل عند البعض ولذلك يترصدهم الفاعلون ويضرمون النيران بحقولهم وتكون الخسائر بعشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية وفي عزِّ موسمها؟.
مع بداية كل حريق تقوم الجهة المعنية بتوجيه سهام الاتهام إلى صاحب الأرض أو جاره الذي يقوم بحرق الأعشاب اليابسة وتمتد الشرارة لتتحول إلى حريق ضخم تصعب السيطرة عليه، خاصة إذا ما ساعدته حركة الرياح وأخذت بيده إلى مساحات واسعة لم يعد بمقدور فوج أو طائرة إطفاء إخماده قبل أن يلتهم الأخضر واليابس في الأراضي المجاورة له، ومع كثرة الحرائق وتوسع دائرتها يتم البحث عن بعض المتهمين ومحاسبتهم.. لكن يبقى السؤال الحسرة في حلق كل مواطن: ماذا عن محاسبة المستفيدين الكبار من تكرار مسلسل الحرائق وَمنْ هم؟.