معاناة المبدعين والمخترعين
لم أتخيل حجم المعاناة والمرارة التي رافقت سعيهم لتقديم أعمالهم إلى الآخرين، وهم الذين وهبوا أنفسهم للوطن، ورفضوا كل الإغراءات المادية لنقل إبداعاتهم واختراعاتهم للخارج.
بعد سنوات عدة من الإشارة لاختراعاتهم وإبداعهم، لم يكلف أحد نفسه التواصل معهم أو البحث عن حلول لمعاناتهم، ولاسيما أن ما حصلوا عليه من براءات الاختراع كفيل في وقت سابق بحل قضايا ملحة وذات معاناة يومية كالكهرباء على سبيل المثال، من مشروع لأحد المخترعين عبارة عن محطة لتوليد الطاقة الكهربائية، وتفي هذه المحطة بنصف حاجة سورية من الكهرباء، وتؤمّن فرص العمل للآلاف من المواطنين والمنتجعات؛ لأن المشروع جاء متكاملاً، حسب المخترع، ويعتمد على الأمواج والرياح وحركة مستوى مياه البحر وتم تقديمه في عام 2006، وحصل على براءة الاختراع، لكن لم يكتب له الاستمرار من جراء الحرب على سورية.
ورغم مرور سنوات لم تقم أيٌّ من الجهات المعنية بالتواصل مع المخترع فهل يعقل ذلك؟ فإلى هذا الحد تكون الصورة رمادية في التعامل مع المخترعين والمبدعين، وحتى جمعيتهم الأهلية لم تلقَ أي دعم منذ عام 2006 حتى الآن، ويصل عدد منتسبيها إلى 420 مخترعاً، وهم الأولى بالرعاية والاهتمام لما يقدمونه للوطن من خلاصة أفكارهم وإبداعهم على حساب بيوتهم وأولادهم، من منطلق هوسهم بالاختراع وحماسهم لتذليل المعاناة على الصعد كافة التي يشكو منها الوطن والمواطنون على حد سواء، ومع ذلك يكابرون على جراحهم، تأكيداً لدورهم الوطني والانتماء للوطن وبغية الدفاع عن ترابه الغالي، كما فعل ويفعل الأبطال الميامين في ساحات الوغى أينما كانوا.
إن سورية في مرحلة إعادة الإعمار تحتاج إلى جهود أبنائها المخترِعين والمبتكرِين، ولا بد من استثمار جهود الشباب في مجال الاختراع لابتكار الحلول لمختلف المشكلات الصناعية والزراعية والطبية والتقنية وتوظيف استخدام التكنولوجيا في مختلف القطاعات، وتوطين صناعة التكنولوجيا بخبرات وطنية، فلنوظف تلك الطاقات في مكانها المناسب.
ومن أجل ذلك ينبغي تضافر الجهود بين الوزارات المعنية والتشبيك فيما بينها لخروج هذه الإبداعات والاختراعات إلى النطاق العملي، ولاسيما التي تركز على عملية إعادة الإعمار وتحمل في طياتها مردوداً اقتصادياً يعود بالنفع والفائدة على اقتصاد الوطن، فهل نفعل ذلك؟.