المناطق الاقتصادية والقيم المضافة ..!

تتوقف الحركة الاستثمارية على عدة عوامل ومحددات, ويمكن تصنيف هذه المحددات الأساسية في المجددات «الإيرادات والتكاليف والتوقعات والمناخ الاستثماري»، ويعدّ الاستثمار المكون الثاني من بنود الإنفاق الكلي، وتالياً فإنه مبدئياً يتأثر بحجم الدخل المتاح, ومن ثم يؤثر به أي بعد تنفيذ الاستثمارات وبدء مردوديتها وضخها للسلع والخدمات إلى السوق، وقد قدم القانون /18/ ميزات كبيرة للاستثمار تكلمنا عن بعض منها سابقاً، وسنعالج الآن مؤشراً هاماً وداعماً للعملية الاستثمارية وهو «ترسيخ وتفعيل المناطق الاقتصادية»، والمنطقة الاقتصادية هي منطقة متخصصة في مجال استثماري محدد سواء كان إنتاجياً أم خدمياً أو تجارياً, وزيادة القيم المضافة للاستثمارات، ويتجسدّ هدفها في تفعيل العملية الاستثمارية والدورة الاقتصادية وزيادة الترابط بين المشاريع الاستثمارية من خلال ترسيخ العناقيد الاستثمارية، والعنقود الاستثماري يعني إقامة مشاريع استثمارية تكمل عمل بعضها البعض فتستفيد من وفورات الحجم الكبير, وتالياً تقليل التكلفة وتأمين انسياب الخدمات بين بعضها البعض، وكمثال على ذلك إقامة معمل للألبسة بجانب معمل لتصنيع الخيوط القطنية، أو إقامة معمل كونسروة بجانب معمل لتصنيع علب التعبئة المخصصة لتعبئة الكونسروة، أو إقامة مكتبة لبيع القرطاسية ومواد التعليم بجانب حضانة أو مدرسة أو جامعة …الخ ، ومن جهة أخرى تتنوع المناطق الاقتصادية الخاصة فقد تكون منطقة تنموية متخصصة مثل منطقة للصادرات أو للتعبئة والتغليف، وقد تكون تخصصية مثل منطقة لتصنيع الأحذية أو لتصنيع المعدات الطبية، ومن هنا ركز القانون /18/ على تفعيل عمل المناطق الاقتصادية، حيث سمح للمستثمرين بإقامة مناطق خاصة بهم, وحسب رغبتهم وبما يخدم استثماراتهم، وأتاح أيضاً للمستثمرين، مع توسع استثماراتهم وتحديداً في المادة /26/ ، تعديل الصفة التنظيمية للمناطق الاقتصادية الخاصة بما يتلاءم مع غايات وأهداف المشروع الاستثماري وتوسعاته، وانسجاماً مع هذا سمح للمستثمر بشراء واستملاك أراضٍ جديدة بهدف التوسع الأفقي لمشاريعه وتأمين متطلبات تكامله العمودي، ولهذا تمّ السماح للمستثمرين بفتح حسابات مصرفية بالعملة السورية أو بالقطع الأجنبي والحصول على تسهيلات ائتمانية وتحويل الأرباح والفوائد السنوية للخارج وتسديد التزاماته نحو الخارج وفقاً للأصول المحاسبية الدولية المعمول بها ومراعاة تعليمات مجلس النقد والتسليف ومصرف سورية المركزي، ويسمح له بالتأمين على مشروعه وتسوية منازعاته ومشاكله سواء بالطرق الوديّة أو بالتحكيم أو بالقضاء المتخصص أو في مركز متخصص في غرف التجارة لحل المشاكل المتعلقة بالعمل التجاري، و يمكن أن يتم التحكيم خارجياً, وبما يتناسب مع القوانين السورية، كما يحق للمستثمر إعادة تحويل أمواله الخاصة المخصصة لإقامة المشروع الاستثماري إذا لم ينفذ لأسباب لا علاقة للمستثمر بها، وسمح أيضاً بحصول المستثمرين على الموافقات والتراخيص لسكنه وعائلته ولعماله من إداريين وفنيين، ويحق لهم تحويل /50%/ من أجورهم وتعويضاتهم الشهرية وتعويض نهاية الخدمة إلى الخارج عن طريق أحد المصارف السورية وإدخال – ولكن بشكل مؤقت – كل التجهيزات والمعدات اللازمة لتركيب وتجريب الأصول الثابتة للمشروع, والتي لا تعد جزءاً منه، والمناطق الاقتصادية الخاصة ستسهم في دعم النشاط الاستثماري من خلال تأسيس المشاريع الاستثمارية في مناطق تتضمن مقومات نجاح المشروع ، وهذا سيسهم في زيادة دمج المشاريع الاستثمارية مع المجتمع وتدعى هذه الحالة «العوامل الناعمة» لدعم المشروع وهو رضا الشعب عنها، وكمثال على ذلك إقامة مشاريع لتصنيع الزيتون في إدلب أو للتصنيع الغذائي في غوطة دمشق أو تطوير الصناعات البحرية في الساحل السوري أو معامل عصير التفاح في السويداء أو معامل تصنيع الحليب واللحوم في الجزيرة السورية أو معمل مياه في القنيطرة بجانب نبع الفوار أو زراعة الوردة الشامية في ريف دمشق أو معمل غزل في حلب…إلخ، وهذا يتطلب إعداد كل من الخريطتين الزراعية والصناعية وتفعيل التكامل بينهما، وإيجاد قطاع الخدمات المناسب لهما، وهذا يعدّ من أهم أسس تأسيس المناطق الاقتصادية وتنوعها في المناطق الإقليمية, وبما ينسجم مع تحويل الميزات النسبية المتاحة إلى ميزات تنافسية تساهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي وزيادة الصادرات والقيم المضافة, وترشيد المستوردات وتقليل معدل البطالة والتضخم من خلال زيادة تدفق أو انسياب السلع والخدمات إلى الأسواق, والتي تعدّ مولدة لمنظومة الأسعار وهي ترمومتر المجتمع من الناحية الاقتصادية، ونحن متأكدون بأننا سنشهد نتائج اقتصادية إيجابية للقانون الاستثماري الجديد وسيساهم في تفعيل عملية إعادة الإعمار والبناء.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار