الجميع لا يريد حرباً موسعة.. إذاً لماذا ستقع ولماذا أميركا والغرب يوفران ذرائع استباقية لاندلاعها؟.. ودعوات لتحقيق تسويات قبل فوات الأوان والتحريض على المقاومة هدفه إلصاق تهمة الحرب بها

تشرين- هبا علي أحمد:

تدخل مزاعم صحيفة «تلغراف» البريطانية، حول وجود أسلحة لحزب الله في مطار بيروت الدولي، في مناخ التصعيد المتسع الذي يصل إلى حافة الحرب في الإقليم، ولاسيما على جبهة جنوب لبنان كجبهة إسناد لأهلنا في غزة، وفي هذا المناخ لا تأتي هذه المزاعم من قبيل المصادفة، بل هي محسوبة بدقة وترمي إلى توجيه عدة سهام في آن واحد باتجاه المقاومة اللبنانية، يترافق ذلك مع إصرار رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب بعد استعادة الأسرى عبر اتفاق جزئي كما يُمنّي النفس به في ظل استمرار الدعم الأميركي المطلق واللامحدود وفي كل الجبهات سواء في غزة أم في الحرب المقبلة مع لبنان عندما تقع.

القوى الغربية مع واشنطن والكيان يوفرون الذرائع والحجج الاستباقية لاندلاع أي حرب بإلصاق التهمة بالمقاومة اللبنانية

حول مزاعم «تلغراف»
ولأن هذه المزاعم تأتي في مناخ حرب لم تقع بعد وإنما كل المؤشرات تقود إليها، فيمكن القول إنّ القوى الغربية مع الولايات المتحدة ومن ورائهما كيان الاحتلال الإسرائيلي يوفرون الذرائع والحجج الاستباقية لاندلاع أي حرب بإلصاق التهمة بالمقاومة اللبنانية، وبالتالي ضرورة الرّد والتحضير، كأن أولئك يحتاجون إلى مبرر لخوض أي حرب، صحيح أنهم يقدمون الذرائع كما عمدوا عندما استهدفوا العراق واليمن وسورية وليبيا وروسيا وإيران والصين وفنزويلا، إلّا أنّ الجميع يُدرك أنهم خاضوا تلك الحروب عن سابق إصرار وترصد، وبالتالي يأتي الحديث عن وجود أسلحة لحزب الله في مطار بيروت في سياق تبرير الدخول في حرب تكثر التصريحات بأنّ لا أحد يريدها، لكن في الوقت ذاته الجميع يريدها، وهذا التبرير ليس خارجياً فقط، بل هو داخلي أيضاً، أي إنّ الإدارة الأميركية تبرر لناخبيها دخولها الحرب.. والغرب المنهك في أوكرانيا يُبرر لمواطنيه في عزّ صعود اليمين المتطرف والتغييرات السياسية التي تجري في الداخل الأوروبي.. والكيان يُبرر لمستوطنيه الذين هاجروا أو من يُعد العدة للعودة من حيث أتى، ضرورة الدخول في حرب بعد الإنهاك في غزّة، ثم إنّ ضرورتها للكيان ضرورة وجودية.

وطبعاً تأتي هذه المزاعم في سياق التأليب الداخلي والشعبي على المقاومة، ولا يخفى أنّ هناك الكثير من الأصوات في الداخل اللبناني هي عونٌ للخارج ضد المقاومة للأسف، رغم أنّ الحزب يدافع عن كل لبنان وليس عن جزء منه، كما يدافع عن فلسطين التي هي قضية عربية بالمقام الأول.

لبنان يحمّل «تلغراف» مسؤولية سلامة العاملين في مطار بيروت والتحريض على القتل ويرفع دعوى ضدها

وإذا ربطنا جملة من المعلومات والمعطيات مع بعضها نُدرك أنّ داعمي الكيان يعدون العدة لحرب، والقضية ليست أنّ الكيان يريد جرّ واشنطن فيما هي لا تريد وفيما تاريخها مملوء بالحروب والصراعات.. يكفي الإشارة إلى بعض التفاصيل في سياق العدوان على غزة من ظهور فكرة الميناء العائم وتوجه 1000 جندي أميركي لبنائه، وكما دلّت المعلومات يُعد ذلك إحدى المقدمات ضمن مقدمات كثيرة رافقت سياق العدوان، ناهيك بغيرهم من الجنود الأميركيين المنتشرين في الإقليم، ومغادرة حاملة الطائرات الأميركية «آيزنهاور»، وعلى متنها 5000 من المارينز، البحر الأحمر ودخولها البحر الأبيض المتوسط، واليوم صرح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن الشرق الأوسط على أعتاب امتداد رقعة الصراع إلى لبنان، ومن ثم تأتي مزاعم «تلغراف»، وهذه التفاصيل غيض من فيض، مع تسريب إعلام العدو أن مسؤولين أميركيين تعهّدوا لمسؤولين إسرائيليين زاروا واشنطن بأن إدارة بايدن ستزود إسرائيل بكامل المساعدات الأمنية التي تحتاج إليها!.. ما يطرح التساؤل التالي هل اقتربنا من الحرب ونقطة اللاعودة، أم إنّ طريق العودة لا يزال مُتاحاً؟

وفي الرد اللبناني على تلك المزاعم، قال وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية: إن جهاز أمن المطار نظّم جولةً للإعلاميين في كل أنحاء المطار لدحض مزاعم صحيفة «تلغراف» بوجود أسلحة داخله، مضيفاً: سنقوم برفع دعوى ضد الصحيفة لمزاعمها بحق مطار بيروت الدولي.

وأمس أكّد رئيس اتحاد النقل الجوي في لبنان علي محسن، أنّ التقرير الصادر عن صحيفة «تلغراف» يهدف إلى تعريض مطار بيروت والعاملين فيه والمسافرين للخطر، محمّلاً الصحيفة البريطانية ومن يروّج لتقريرها المسؤولية عن سلامة العاملين في مطار بيروت، معتبراً أنّ ما تروّجه وسائل إعلام مشبوهة «هو تحريض على قتلنا».

الوضع في الشمال صعب ومهين لـ«إسرائيل» وحكومة نتنياهو لا تستطيع إعادة المستوطنين إلى الشمال من دون إعادة الأمن لذلك علينا ألا نُقدم على شنّ حربٍ ضد لبنان بل التوصل إلى تسوية

إلى تسوية في الشمال
إذاً يبقى الوضع في المنطقة في مناخ الحرب، إلّا أنّ حملة التهويل التي يُعمل عليها لا تلغي الحقائق التي باتت وسائل إعلام العدو على موعد يومي في كشفها وكشف حجم الأخطار الاستراتيجية المحدقة بالكيان وجودياً في حال اندلاع الحرب مع لبنان، وتبقى جبهة الشمال وضرورة التوصل إلى تسوية هناك الحدث الأبرز، إذ وصف رئيس حزب «اليمين الوطني» الإسرائيلي جدعون ساعر، الوضع في الشمال بالصعب والمهين بالنسبة لـ«إسرائيل»، مُطالباً الحكومة بالتوصّل إلى تسوية، لافتاً إلى أنّ قرار التسوية غير سهل ومعقّد، مشيراً إلى أنّ الحكومة لا تستطيع إعادة المستوطنين إلى الشمال، من دون إعادة الأمن، لذلك علينا ألا نُقدم على شنّ حربٍ ضد لبنان.
بدوره، قال المُنسّق العسكري في «المطلة» يوسي لفيت: إنّ 50% من “السكان” (المستوطنين) لن يعودوا بعد ما حصل من ضربات من لبنان، فهناك عائلات لن تعود إلا إذا كان هناك اتفاق يُبعد حزب الله 15 كم على الأقل عن الحدود.
بالتزامن، قالت صحيفة «يسرائيل هيوم»، إنه رغم أن الأمين العام للحزب حسن نصر الله، أعلن في خطابه الأسبوع الماضي أن قوة التنظيم تبلغ نحو 100 ألف عنصر، إلا أن التقديرات تشير إلى أن الأعداد الحقيقية أكبر بكثير من المذكورة، بينما يقدر معهد أبحاث «ألما» الإسرائيلي أن التنظيم يمتلك ترسانة من عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف القصيرة المدى، مؤكداً أنّ إمكانية الدقة انتقلت بسرعة كبيرة إلى صواريخ «غراد» وصواريخ «بلاك»، وما يثير القلق بشكل خاص هو مسألة المدى القصير الذي يشكل نحو 65 ألف صاروخ وقذيفة، أما فيما يتعلق بالأسلحة الدقيقة، ففي المجمل، عند إضافة الصواريخ والقذائف الصاروخية البعيدة المدى، يمتلك حزب الله ما يقدر بنحو 250 ألف قطعة سلاح.

محو عائلات بأكملها
في غضون ذلك أكدت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين مارسي غيموند أنّ حجم الدمار في قطاع غزة كبير، قائلة: تمّ محو عائلات بأكملها في بعض الغارات الجوية على القطاع، وكل شخص تقابله لديه قصص رهيبة.. ترى الدمار في كل مكان في غزة، الناس يعيشون في مبان مدمرة، ويحاولون الحصول على الطعام والماء، ثم ترى مساحات شاسعة من الخيام.

تم محو عائلات بكاملها بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة وآن الأوان لتنتهي الحرب

وأشارت غيموند إلى استشهاد أكثر من 10 آلاف امرأة، بينهن 6 آلاف أم منذ بدء العدوان، تركن خلفهن أكثر من 19 ألف طفل يتيم، موضحة أنه آن الأوان لهذه الحرب أن تنتهي.

من جهة أخرى أفادت منظمة «أنقذوا الطفولة» البريطانية بأن تقديراتها تشير إلى فقدان نحو 21 ألف طفل في غزة، نتيجة الحرب الإسرائيلية على القطاع.

في ظل هذا الواقع تواصل المقاومة الفلسطينية إيلام العدو، وإذا كان نتنياهو واضحاً في عدم رغبته بإنهاء العدوان والاكتفاء بصفقة جزئية لا تنهي الحرب، فإن المقاومة أشد وضوحاً من حيث مواصلة النضال ومواجهة العدو، إذ تواصل تصديها لجيش الاحتلال وسط ورود أنباء عن تراجع لقوات الاحتلال في حي تل السلطان شمال غرب مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، في حين استهدفت جنود الاحتلال وآلياته بقذائف «الهاون» من العيار الثقيل.

في غضون ذلك، نشر الإعلام الحربي لـ«سرايا القدس» مشاهد توثّق استهدافها جنود الاحتلال وآلياته عند محور «نتساريم»، جنوب غرب مدينة غزة.

بدورها، استهدفت كتائب «شهداء الأقصى» تجمعات الاحتلال، وخط إمداد تابعاً له في «نتساريم»، برشقة صواريخ من نوع «107».

ونشرت كتائب «المجاهدين»، الجناح العسكري لحركة المجاهدين الفلسطينية، مشاهد عن استهدافها موقع «كيسوفيم» العسكري التابع للاحتلال، شرق المحافظة الوسطى، برشقة صاروخية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار