على سبيل «الأنسنة»

أعترف أنني لم أكن يوماً مُعجباً بلغة الأديب السوري سليم بركات، تلك اللغة التي تذهبُ بعيداً في الصنعة والتقعير حتى تبدو كأحفورات لا روح فيها، لغة تجعل منها غاية النص، وليست غاية للنص…
وبكل الأحوال ليست لغة بركات هي موضوعنا، لكن الجلبة التي لم تهدأ منذ أن أفشى الأخير عن الكثير مما يعرفه عن صديقه الشاعر محمود درويش، وأهمّها أبوته لطفلة من امرأة متزوجة، التي جعلت المثقفين على مدى الصحارى العربية والكردية؛ قبيلتين بسوسيتين “من البسوس”، (ربما انضمَّ إليهما الأمازيغ لاحقاً) واحدة مع بني درويش، وأخرى مع بني بركات…
لكن ما يُحسب لمقالة بركات التي نشرها في القدس العربي حينها؛ إنها جعلت من الاثنين “إنسانين”، وليسا آلهة أو أنصافها؛ الأول بـ”ارتكابه” لهذا الفعل الإنساني، والثاني بـ”البوح الإنساني” بما قام به الأول، ومن ثمّ كانت المعركة لإعادة كلَّ قبيلة “إنسانها” لمقاعد الآلهة… ثمّ لاحظ كل تلك “الحميمية” عند ذكر الشاعر درويش من قبل قبيلته هكذا “محمود” حاف؛ وكأنه منذ قليل كان يحتسي “المتة” معه، وهكذا أيضاً أفراد “القبيلة” الأخرى!!
لقد صدق من قال إنّ القبائل العربية لا تزال على عادتها في الكرِّ والفر على بعضها، فقط استبدلت اليوم السيف والترس بمفاتيح “الكيبورد والموبايل”…
لم أكن بوارد المُشاركة في هذه “الجلبة” الطويلة التي ربما تمتدُّ أربعين عاماً كمثيلاتها من الحروب العربية البسوسية.. لا سيما وأنه طول الوقت تأتيك “سهام” الأحاديث و”نبال” المقالات من جهاتك الست، وصورة ثابتة لـ”زوج” (درويش- بركات) واحد باللباس الرسمي والآخر بـ”الشيّال – القميص الداخلي”، وكيفما فتحت أو تلفتت!!
بكل الأحوال؛ خلقت الأسرار لتُباح، ولا معنى لسرٍّ يبقى سراً، ففي إباحة السر؛ ثمة حياةٌ ثانية لأصحابه لاسيما الراحلين منهم.. ولا يُغير أمرُ “فضح المستور” في قيمة ما قدموه، فهم بشر كانوا، وبشر سيبقون!!
هامش:
………….
لأنكِ حبيبتي
إذاً ثمة
شبابٌ لا يشيب،
وقمرٌ لا يغيب،
وربيعٌ لا يفنى..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار