من سيحكم فرنسا؟.. أقصى اليمين الأوفر حظاً.. وماكرون يؤكد أنه الرئيس حتى 2027
انطلقت اليوم الاثنين في فرنسا الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية، قُبيل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعيّة التي تُوصف بأنّها الأهمّ منذ العام 1945، ويُعَدّ فيها أقصى اليمين الأوفر حظاً في مواجهة جبهة يساريّة هشّة، كما تشير التقارير، وقبل أسبوعٍ من موعد الدورة الأولى من الانتخابات التشريعيّة الفرنسيّة، لا يزال معسكر الرئيس إيمانويل ماكرون يسعى إلى تقليص تأخّره عن ائتلاف اليسار وأقصى اليمين الأوفر حظاً.
وأظهر استطلاعان للرأي أُجريا مؤخراً أنّ حزب «التجمّع الوطني» في أقصى اليمين وحلفاءه سيحصدون ما بين 35,5 و36% من الأصوات، متقدمين على «الجبهة الشعبيّة الجديدة» من تحالف أحزاب اليسار الذين سيحصدون (27 إلى 29,5%)، وعلى معسكر ماكرون الذي من المتوقع أن يحصد (19,5 إلى 20%).
ومن المقرّر أن يكشف حزب «التجمّع الوطني» (أقصى اليمين) بزعامة مارين لوبان، اليوم الاثنين أولويّات حكومة الوحدة الوطنيّة التي يعتزم تشكيلها.
ويسعى رئيس «التجمّع الوطني»، جوردان بارديلا إلى استخدام ورقة التهدئة، طارحاً نفسه في موقع الشخصيّة القادرة على جمع الفرنسيّين، وذلك في مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة «لو جورنال دو ديمانش» الفرنسية.
وقال بارديلا: أُريد مصالحة الفرنسيّين وأن أكون رئيس الوزراء لجميع الفرنسيّين بلا أيّ تمييز، مكرراً أنّه لن يقبل بتولّي المنصب إن لم يحصل على الغالبيّة المُطلقة في الانتخابات التشريعيّة.
ومساء السبت الماضي، أكّد زعيم حزب«حركة فرنسا غير الخاضعة» جان لوك ميلانشون عزمه على حكم هذا البلد، وهو ما يعتبره الاشتراكيّون خطاً أحمر، في حين شدّد الأمين العام للحزب الشيوعي، فابيان روسيل على أنّ ترشيح ميلانشون لرئاسة الحكومة لم يتمّ الاتّفاق بشأنه أبداً في الجبهة الشعبيّة الجديدة.
من جانبه، يَعِد معسكر ماكرون الذي يُتّهم بأنّه منفصل عن هموم الفرنسيّين، بحُكم يكون أكثر قرباً من الشعب. وبدا أنّ ماكرون يستبعد الاستقالة، فقد تعهّد العمل حتى أيّار 2027، موعد نهاية ولايته، مُقرّاً بـوجوب إحداث تغيير عميق في طريقة الحكم.
وقال ماكرون في رسالةٍ إلى الفرنسيّين نشرتها الصحافة: إنّ الحكومة المقبلة التي ستعكس بالضرورة تصويتكم، آمل في أنّها ستجمع الجمهوريّين من تيّارات مختلفة بعد أن يكونوا قد عرفوا كيف يواجهون المتطرّفين؟.
وفي وقت يلمّح عدد من خصومه، وفي مقدّمهم مارين لوبن، إلى أنّه سيضطرّ إلى الاستقالة في حال خسارة معسكره في الانتخابات يومي 30 حزيران والسابع من تموز ردّ ماكرون بالقول: يمكنكم أن تثقوا بي لأعمل حتى أيّار 2027 بوصفي رئيسكم، حامي جمهوريّتنا وقيمنا في كلّ لحظة، مع احترام التعدّدية وخياراتكم، وفي خدمتكم وخدمة الأمّة”.
وإذ تناول أسباب القرار الذي دفعه إثر الانتخابات الأوروبّية إلى حلّ الجمعيّة الوطنيّة، أقرّ ماكرون بأنّ قراره أثار أحياناً غضباً تجاهه. وتطرّق تفصيلاً إلى رهانات الانتخابات المقبلة، معتبراً أنها ليست انتخابات رئاسيّة ولا تصويتاً على الثقة برئيس الجمهوريّة، بل هي جواب عن سؤال واحد: من سيحكم فرنسا؟.
وتُثير نتائج الانتخابات، بين تشكيل أوّل حكومة من أقصى اليمين، وجمعيّة وطنيّة تُهيمن عليها لمدّة عام على الأقلّ ثلاثة أقطاب مُتباينة، مخاوف في فرنسا وخارجها، على خلفيّة وضع اقتصادي قاتم وأزمة في أوكرانيا، وقبل شهر من انطلاق دورة الألعاب الأولمبيّة في باريس لعام 2024.
ونزل عشرات آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في فرنسا، أمس الأحد، للتنديد بـ«خطر» يتهدّد حقوق النساء في حال فوز «التجمّع الوطني» في الانتخابات.
ونشرت صحيفة «لوموند» الفرنسيّة، أمس الأحد، عريضةً وقّعها 170 دبلوماسياً سابقاً تحذّر من فوز مُحتمل لأقصى اليمين في الانتخابات التشريعيّة المقبلة، وهو ما من شأنه، في رأيهم، أن يُضعف فرنسا وأوروبا بينما الحرب دائرة.
من جهته، عبّر المستشار الألماني، أولاف شولتس، أمس الأحد، عن «قلقه» من احتمال فوز أقصى اليمين في الانتخابات التشريعيّة الفرنسيّة، قائلاً: «آمل في أن تنجح الأحزاب غير المحسوبة على مارين لوبن في الانتخابات».
يُشار إلى أنّ الانتخابات التشريعيّة الفرنسية تجري على جولتين في 30 حزيران ، و7 تموز ، في خطوةٍ قد تُفضي إلى وصول أقصى اليمين إلى مقاليد السلطة السياسية في البلاد.
وتتألف الجمعية الوطنية (البرلمان) من 577 مقعداً، بما في ذلك 13 مقاطعة خارجية و11 دائرة انتخابية تُمثّل المغتربين الفرنسيين في الخارج، وللحصول على الأغلبية المطلقة في البرلمان يحتاج الحزب إلى 289 صوتاً.
ولم يشغل ائتلاف ماكرون سوى 250 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته وكان عليه حشد الدعم من الأحزاب الأخرى في كلّ مرّة للتصديق على قانون.
وتستبعد الجولة الأولى في الانتخابات جميع المرشحين الذين فشلوا في الحصول على 12.5% من الأصوات، كما أن أيّ شخصٍ يحصل على 50% من الأصوات بنسبة مشاركة لا تقل عن ربع الناخبين المحليين يفوز تلقائياً، ويحدث ذلك في عدد قليل من الدوائر الانتخابية.
أما الجولة الثانية فهي عبارة عن سلسلة من جولات الإعادة يخوضها اثنان أو ثلاثة أو أربعة مرشحين في بعض الأحيان، وقد ينسحب بعض المرشحين قبل 7 تموز لإعطاء حليف فرصة أفضل تهدف إلى منع منافس من الفوز.
وقام ماكرون بأكبر مجازفة منذ وصوله إلى السلطة في العام 2017 بإعلانه حل الجمعية الوطنية الفرنسية والدعوة إلى انتخابات تشريعية مُبكّرة، وذلك بعد فوز أقصى اليمين في الجمعية الوطنية في الانتخابات التشريعية الأخيرة في حزيران 2022.