لم تردع عقوبات قانون حماية المستهلك على شدتها المتاجرين بالمواد المدعومة وخاصة بعد «حنو» وزارة التجارة الداخلية, وتفضيلها إعطاء التجار فرصة لتدارك أوضاعهم, وإن كان لا يشمل من يهرب ويسرق هذه المواد، لكن رادار جشعهم التقط على ما يبدو إشارة «العطف» ، فعادوا إلى أفعالهم المخالفة بحق المواطن والخزينة، وإلا ما كان تجرأ البعض على تهريبها في وضح النهار من دون اكتراث بحجم العقوبات التي تنتظرنهم من جراء ارتكاب هذا الفعل الذي يعد سرقة موصوفة للمال العام.
تجارة تهريب المواد المدعومة الدسمة كثرت خلال سنوات الحرب على سورية بلا مقدرة على ضبط شبكة المخالفين، الذين استغلوا الفرق الكبير بين سعرها المدعوم وسعرها في السوق لتحصيل أرباح خيالية، وكان يتوقع مع صدور قانون حماية المستهلك الجديد بعقوباته المشددة غلق هذا الباب، الذي يزيد معيشة المواطن سوءاً لكونه يتسبب في مضاعفة أسعارها، لكن للأسف عادت هذه الظاهرة إلى الواجهة مجدداً عبر إعلان «تموين حلب» تنظيم ضبوط بحق مخالفين يهرّبون بعض المواد المدعومة، وهنا يبرز تخوف المواطنين من قيام البعض بتفريغ مضمون قانون حماية المستهلك , وكأن لم تحصل أي مخالفات من أصله، وهذا ما لا نرجوه في ظل التوقعات بإحداث «نفضة» في أداء وزارة التجارة الداخلية بعد انتهاء المهلة التي أعطيت للتجار لـ«تزبيط» أوضاعهم قبل تنفيذ مضمون هذا القانون الهام بأدواته الداعمة التي تمكنها من استرداد مكانتها وتحمي المستهلك في الوقت ذاته، وتالياً إذا أخفقت في مهمتها الجديدة يجب معاقبة مسؤوليها وتحديداً من يثبت تورطه في تمرير أو مساعدة أو التغافل عن أي مخالفة أيّاً كانت، فكيف إذا كان هذا التواطؤ هدفه تسهيل تهريب والمتاجرة بالمواد المدعومة، التي تؤمن بشق الأنفس.
وقف عمليات تهريب والاتجار بالمواد المدعومة بات أمراً ملحاً لانعكاسه السلبي على الواقع الاقتصادي والمعيشي في هذه المرحلة الاستثنائية، فالمفروض وضع كل «قرش» في محله, وليس ترك الفاسدين والمهربين يقطفون الثمار على «البارد المستريح»، وهذا ليس مستحيلاً في ظل وجود بيئة تشريعية ملائمة لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة، وتالياً جلّ ما نحتاج لإنجاز هذا الهدف الضروري إدارة وإرادة فعلية من الجهات المعنية, لقطع دابر «حرامية» المواد المدعومة وشبكة الفاسدين المتورطين بهذا الجرم، وحتماً عند تحقيق ذلك سنضمن إغلاق «مغارة علي بابا» أمام المهربين، أما ترك الحبل على غاربه مع رشات التقصير والمحاباة، ستبقي مسارب استنزاف الخزينة وجيوب المواطن مفتوحة .. والمستفيد دوماً واحد، فماذا أنتم فاعلون..؟!