مبالغة إلى درجة الهلوسة
من وحي التحضيرات الدراسية يبدو أنّ هنالك خللاً في طريقة وأسلوب التعامل مع امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية حتى تحول هذا الامتحان إلى «بعبع»، ويجلب الخوف والرعب ليس فقط للطلاب بل أيضاً للأهالي، الكثير من الأهالي يدقون جرس الإنذار ويعلنون دخولهم في معسكر للتدريب المغلق منذ بداية العام الدراسي، تُعلّق الزيارات وتمنع الرحلات وتقلص المكالمات, وتختصر الكثير من الأمور، ولولا الحاجة للهواء لقطع النفس أيضاً، فالأبناء في الامتحان المصيري، وسلّم العلامات هو الأساس في تحديد المصير والمستقبل، فعلامة يمكن أن تحرف بوصلة حياة الكثيرين وتجبرهم على الدخول إلى فروع لا علاقة لهم بها, وقد تكون السبب في الفشل وإبعادهم عن طريق العلم.
البعض دخل في مبالغة بالدراسة والتحضير للمرحلتين وبشكل خاص الثانوية إلى درجة الهلوسة، في السابق كانت الدروس الخصوصية لبعض المواد فقط التي يشعر الطالب بالضعف فيها كالرياضيات والفيزياء مثلاً، بينما الهوس جعل الكثيرين يأخذون دروساً خاصة بكل المواد حتى المواد الحفظية، والمضحك المبكي أنه يتم تخصيص دروس لتعليم المادة وأخرى للتحفيظ، فبعض الأساتذة باتوا شطاراً في حشو المعلومات وإدخالها في ذهن الطالب، والمبالغة جعلت البعض يبدأ بالتحضير قبل سنتين, وأخذ دورات خاصة لمواد البكالوريا من صف العاشر من مبدأ «التكرار يُعلّم الشطار».
والملاحظ في الشهادة الثانوية أنّ هناك تسرباً كبيراً من المدارس العامة إلى المدارس الخاصة, وعدد الطلاب في القاعة الواحدة أضعاف العدد المسموح به والجهات المعنية لم يخطر ببالها أن تتساءل لماذا؟.
وحجة الأهل والطلاب أنهم في المدارس الخاصة غير مجبرين على الدوام, ويمكن اختصار الكثير من الوقت الذي يضيع على ساعات الفنون والرياضة والموسيقا وغيرها، وفي كثير من الأحيان هناك تأخير في التحاق بعض المدرسين بالمدارس العامة بسبب إشكاليات التوزيع في بداية العام الدراسي.