التشويه قبل التعيين
عندما يشغر منصب ما لأي سبب كان سواء بالإعفاء أو لبلوغ السن القانونية أو حتى الوفاة يكثر الهرج والمرج وتنشط التكهنات والتوقعات في كل الأوساط حول ماهية البديل القادم.
البعض يرى أنه ينبغي قدوم البديل بالدرجة الأولى من الوسط الوظيفي نفسه وليس من خارجه, فهو الأقدر على قيادة دفة الإدارة لخبرته المهنية ومعرفته بجوانب وتفاصيل العمل الإداري ضمن قطاعه، فيما إذا قدم أحد من خارج الوسط ولو بالاختصاص نفسه فلن يوفق في الإدارة أو سيطول الوقت حتى يفهم طبيعة العمل وخفاياه, وبعدها قد يتمكن من إدارته أو يفشل لاحتمال أن يستغل بعض ضعاف النفوس من المتجذرين في المحيط ضعف خبرته فيوجهون قراراته لمصالحهم لا لمصلحة العمل, وحينها تكون الفأس قد وقعت بالرأس وأخذت المديرية المعنية مساراً خاطئاً يصعب السيطرة عليه أو تقويمه.
المشكلة بشكل عام أنه في حال تداول أسماء أشخاص يمكن تقديمهم كمرشحين بدلاء, تبرز ظاهرة التشويه سواء من هؤلاء الأشخاص أنفسهم تجاه بعضهم البعض أو من آخرين يناصرون هذا أو ذاك من المطروحة أسماؤهم ويتم تركيب قصص وحكايا قد لا يكون لمعظمها أساس من الصحة.
لا شك في أن الطموح لبلوغ أي من المواقع الإدارية حق مشروع لأي شخص لديه المؤهلات المطلوبة، لكن يفترض أن تكون المنافسة شريفة بعيدة عن حالات التشهير والقدح والذم، وبما أن هذه الظاهرة قد يصعب تقويمها أو ضبطها مجتمعياً في ظروفنا الراهنة فعلى الجهات صاحبة العلاقة المعنية بالترشيح والاختيار عدم الإصغاء إليها والأخذ بها أو يجب الإمعان والتدقيق بدراستها ملياً والنظر في خلفياتها ودوافعها لكيلا تكون سبباً أو عاملاً يؤدي إلى تحييد أي أحد من المستحقين بلا أي ذنب.
في المنظور العام ينبغي أن تكون هناك معايير سليمة وواضحة ومعلنة على الملأ يتم اعتمادها في عملية اختيار من يراد لهم أن يشغلوا أياً من المواقع الإدارية، ولا يسمح بتجاوزها مهما تعددت الضغوطات وتنوعت الخلفيات، وذلك للإسهام بوصول الأكفأ إلى رأس هرم أي من المؤسسات والهيئات والشركات والمديريات العامة، وبشكل لا يدع مجالاً لاستمرار ظاهرة التشويه المتفشية في محيطنا الآن.