معادلة الاكتفاء

التفكير في قادمات الأيام على المستوى الاقتصادي ومحاولات الخروج من الأزمة الحالية, وتأثيرات الحرب الكونية (السلبية) التي استهدفت بلدنا منذ أكثر من عشر سنوات, تحمل الكثير من المعطيات التي تؤكد صوابية التفكير, رغم قلة الإمكانات والموارد التي يملكها الجهاز الاقتصادي من جهة, واختلاف حجم التعافي من قطاع لآخر من تداعيات الحرب والتدمير الممنهج لمعظم مكونات الاقتصاد الوطني والتي تشكل مصادر مولدة للدخل المستمر, والقوة الأساسية في تركيبة الموارد الاقتصادية الكلية, وفي مقدمتها قطاع الإنتاج الصناعي الذي يشكل في تركيبته المتنوعة الحامل الأكبر لقوة الاقتصاد وتنوع موارده..
وهذا بدوره يضع الجهاز الاقتصادي أمام خيارات جميعها تصب في حتمية إيجاد الحلول المناسبة لخروج الشركات الإنتاجية من واقعها السيئ الذي فرضته سنوات الحرب والتدمير الممنهج لمعظم خطوط الإنتاج, إلى جانب فقدان قسم كبير من قوة العمل والعمالة الخبيرة التي قامت على أكتافها قوة العمل الإنتاجية ما قبل الأزمة والتي وصلت بها إلى حالات إنتاجية حققت معادلة التسويق (الاكتفاء والتصدير) ..!
لكن نحن اليوم في أمس الحاجة لتجاوز مرحلة التعافي التي بدأتها معظم الشركات الإنتاجية والوصول إلى حالة متقدمة من العمل يتم من خلالها تحقيق معادلة السوق من جهة وزيادة الإنتاجية والمردودية الاقتصادية من جهة أخرى ..
وهذا لن يمر إلا بمجموعة من الإجراءات تشكل برنامجاً واجب التنفيذ الفوري في مقدمتها : مجالس إدارة للشركات يتم تشكيلها من أهل الخبرة والكفاءة المتخصصة بكل منتج متسلحة بالمرونة والشجاعة في تحمل المسؤولية مهمتها الأساسية النهوض بواقع الشركات والوصول بها إلى الربحية المطلوبة, والإجراء المهم يكمن في إعادة النظر في دور الأجهزة الرقابية واعتماد أسلوب الرقابة الوقائية والابتعاد عن رقابة تصيد الأخطاء ما يضع الإدارات في حالة ارتباك دائم وضعف في اتخاذ القرارات وفقدان المبادرات الذاتية وغيرها..

والقضاء على الروتين في طريقة التعاطي في آلية العمل الإداري التي تحمل في طياتها ظاهرة التهرب من المسؤولية من الأدنى إلى الأعلى أو بالعكس, والتي تعكس حالة تشتت وضياع في القرارات وانعكاسها بصورة سلبية على الأداء الكلي وخاصة الإنتاج, وهذا الأمر يأخذنا بطبيعة الحال إلى القوانين والتشريعات الناظمة لطبيعة العمل والتي تحتاج تغييراً جذرياً لكونها لا تتماشى مع المستجدات الحالية ومتطلبات المرحلة المقبلة وخاصة لجهة أنظمة الأجور والحوافز والشراء وإجراءات التسويق, وغيرها من مشكلات ينبغي معالجتها إلى جانب ما ذكر حتى نصل إلى قطاع إنتاجي متطور يلبي المطلوب في كل الأحوال والظروف..

Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار