معارض الراحلين
لماذا تغيب أعمال الفنانين التشكيليين بعد رحيلهم؟ سؤال نهض من جديد بعد أن أقمنا بالأمس القريب للفنانين التشكيلين الراحلين العام المنصرم ” بسام جبيلي وعبد الله خان” معرضاً تكريمياً في حمص من أعمالهما، وذلك بالتعاون بين أصدقاء الفقيدين واتحاد الفنانين التشكيليين الذي استضاف المعرض بصالته، فنادراً ما يهتم أصدقاء أو عائلة الفنان الراحل بإقامة معارض تكريمية لهم, رغم إمكانية ذلك، ولاسيما أن صالة اتحاد التشكيليين ليست مشغولة على مدار العام، فيمكن السعي لذلك في معرض سنوي تحدد فترة إقامته وفق برنامج العروض التي تشغل الصالة، وذلك تكريماً لكل الذين رحلوا من فناني المدينة، وأن يكون المعرض بمبادرة من الاتحاد ذاته، من دون انتظار مبادرات الأصدقاء، كما يمكن لصالات بقية فروع الاتحاد بالمحافظات أن تحذو التوجّه ذاته، وتتضاعف أهمية هذه المعارض أن الإرث الفني الذي تركه لنا الذين رحلوا، لا طريقة لمشاهدته من قبل الأجيال الجديدة بشكل مباشر إلّا بالمعارض. واتحاد التشكيليين يُفترض أن يكون الراعي لأعمال الفنانين أحياءَ وراحلين، بما أن الأغلب الأعم منهم يرحلون ولا يتمكنون من طباعة ألبومات تضم معظم أعمالهم، رغم وجود نماذج منها في كتب نقدية صدرت، ورغم أيضاً اهتمام بعض المواقع الإلكترونية وبعض صفحات التواصل الاجتماعي بأرشفة قدر لا بأس به من أعمالهم، وهي خير متحف لأعمالهم بعد رحيلهم. لكن كما يعرف الذين يشتغلون في هذا الفن أن مشاهدة الأعمال سواء كانت نحتاً أم تصويراً، تظل مشاهدتها كأعمال معروضة في صالات ذات أهمية أكبر لنشر الجمال، ولمشاهدتها من قبل الأجيال الجديدة من الفنانين. وفي رأينا ما يؤكد أهمية تلك المعارض ما لمسناه من حفاوة قوبلت بها أعمال المعرض المشار إليه، من قبل الفنانين الذين حضروا وممن دأبوا على متابعة المعارض، لكن هذا المقترح يتطلب من اتحاد التشكيليين عبر فروعه في المحافظات، أن يعدّ سجلاً دائماً يشار فيه إلى أين توجد مقتنيات الفنانين الراحلين وأرقام هواتف الذين اقتنوها، سواء كانوا أفراداً أو هيئات ثقافية أو نقابية، لتسهيل المهمة على من سيتابع تنفيذ الاقتراح في السنوات اللاحقة وعلى مدى أجيال، وبضرورة مطالبة الفنانين الأحياء أيضاً بتزويدهم بذلك، فهذا سيسهل عليهم إحياء أعمال الراحلين وتنظيم عرضها.