اقتفاء أثر..!
أزعم أنّ الممثلين السوريين هم أكثر الفنانين تميّزاً في صناعة الدراما العربية، وهذا ليس من باب التعصب للدراما التلفزيونية السورية ولمن يشتغل فيها، إنما هو لفت نظر، إلى ما يتمتعون به من مواهب من دون أن يصاب أغلبهم بنزعة الاستعلاء, فلو تأملنا فيما نستطيع متابعته من الدراما العربية فإننا «نزعم» أننا لن نجد مثيلاً للغنى الذي يمتلكه عدد ليس بالقليل من الممثلين السوريين، إذ تجد بينهم من كتب ومثّل وأخرج، أو كتب ومثّل، أو كتب وأخرج، ثم عاد لحقله الأساس، مع بعض الاستثناءات، سواء أخفق في تجاربه أو حقق حضوراً لافتاً بأعمال متقنة.
ولكي نكون موضوعيين ومنصفين علينا اقتفاء أثر هذه الظاهرة منذ بدايتها, فالراحل نهاد قلعي بدأ حياته ممثلاً وكاتباً، وكذلك دريد لحام ممثلاً وكاتباً، ثم مخرجاً، لكنهما لم يتخليا عن العمل كممثلين في أعمال ليست من كتابتهما، وكأنهما خطّا الطريق لكل من أتى بعدهما في حقل التمثيل، فوضعا أسس التنوع والتجدد، من دون أن نغفل أهمية ما قدّمه الكتّاب والمخرجون, ولعلّه المسار الإبداعي الأكثر تميّزاً الذي تسير عليه الأجيال اللاحقة على خطا الجيل المؤسس، بل واستفادت منه واغتنت وتفرّدت وأضافت: ولو أردنا أن نستعرض الأسماء كلها التي اشتغلت في حقل التمثيل ثم نوّعت شغلها في حقول أخرى، لضاقت علينا المساحة، فحسبنا هنا الإشارة، ولعل غيرنا من يتابع المهمة لأنها تستحق الدرس والتأمل, ولعل أول الأسماء وأغناها عطاءً في الكتابة هو الممثل هاني السعدي الذي كتب مسلسلات عدة متنوعة، لدرجة غيابه كثيراً عن حقل التمثيل، وصولاً لتغييبه – مع الأسف- ككاتب, أمّا الاسم الأكثر غنىً في الحقول التي خاضها، فهو الفنان أيمن زيدان؛ مثّل، ثم أخرج تلفزيونياً أربعة مسلسلات، وسينمائياً ثلاثة أفلام، وقدّم أربعة برامج تلفزيونية, وعمل مديراً لشركتي إنتاج تلفزيوني وسينمائي, ومن أجيال لاحقة الراحل حاتم علي، رافي وهبي، أيمن رضا، باسم ياخور، رامي حنا، سيف سبيعي، حسام الشاه، مهند قطيش، إياد أبو الشامات، أدهم مرشد….، لكنهم ما تخلّوا عن عشقهم الأول التمثيل, ومع الأسف لا تستحضر ذاكرتي من الممثلات سوى أمل عرفة، كتبت ثلاثة مسلسلات، وقدمت أربعة برامج تلفزيونية، نأمل أن يزداد عددهنّ، لتزداد الدراما السورية غنىً.