لم تنطبق حسابات المواطن المنتظر انخفاض أسعار مرتقب مع “بيدر” التجار المخالفين ممن يمتلكون قدرة عجيبة على التلاعب بالقوانين، حيث شهدت أسعار بعض السلع وتحديداً الألبسة ارتفاعاً جنونياً جعلتها خارج إمكانياته المحدودة من دون تمكن الرقابة التموينية من تغيير هذه الحال مدعومة بقوتها الجديدة وخاصة بعد منح التجار فرصة 3 أشهر لتسوية أوضاعهم قبل تنفيذ عقوبات قانون حماية المستهلك الجديد المشددة.
ارتفاع تكاليف الإنتاج تسبب في زيادة أسعار الألبسة، وهذا لا يمكن تجاهله في ظل تعرض صناعيي هذه المهنة إلى صعوبات كثيرة بحكم تداعيات الحرب والحصار الظالم على سورية، ما جعل التصنيع للسوق المحلية محدوداً جراء التكلفة العالية، لكن هذا الواقع الصعب لا يعطي الحق لبعض القائمين في الغرف الصناعية إلى الشطط في الأسعار والتصريحات وتهويل المصاعب لدرجة الادعاء بأن سعر بنطلون الجينز يجب أن يباع بـ110 آلاف ليرة إلا أن الرأفة بحال المواطن جعلتهم يبيعونه بين 37 إلى 59 ألف ليرة بعد إجبار أنفسهم على التخفيض 25% ومن مقدرة على التخفيض أكثر بحجة التعرض للخسارة المحتومة، وهنا نقدّر معاناة صناعيي الألبسة مع المطالبة بتقديم كل التسهيلات المطلوبة لتسريع عجلة إنتاج ورشهم ومعاملهم لكن هذه التصريحات المبالغ فيها تضرّ صناعيي هذه المهنة ولا تساعدهم على حلحلة مشاكلهم قيد أنملة، وخاصة أن المشكلة بنظرهم تكمن بضعف القوة الشرائية للمواطن، الذي لا يقدر على شراء بنطلون بقيمة 10 آلاف فكيف بـ110 آلاف ليرة، لنتساءل عن الجدوى من إطلاق تصريحات كهذه و التي لا تنقل حقيقة معاناة صناعة الألبسة وإنما تضع أهل هذا الكار في “خانة” تجار يفكرون بمنطق تهويل الصعاب لقطف الحصة من الثمار الوازنة.
شراء الألبسة خلال فترة العيد أو الأيام العادية الأخرى أصبح خارج قدرة الأسرة الشرائية، إذا لا تستطيع بهذا الراتب “القزم” شراء قطعة ألبسة واحدة لتبقى مكسورة طوال الشهر، ما يتطلب بالدرجة الأولى التفكير بترميم وتصحيح الأجور مع العمل على معالجة مشاكل صناعة الألبسة وتذليل عقباتها المتراكمة وتحديداً في مدينة حلب، فالقفز فوق هذا الواقع من قبل صناع القرار وممثلي الصناعيين عبر المطالبة بقضايا فوق قدرة المعنيين على التنفيذ يزيد الطين بلة ولا يخدم أهل الصناعة الحقيقيين، الذين جلّ ما يطلبونه قرار دعم فعلي ينقذ الصناعة عموماً ويخفف تكاليف الإنتاج بطريقة تضمن مقدرة المواطن على الشراء من دون كسر جيوبه وتنغيص فرحته بالعيد مرتين مع تعكير إضافي في المزاج عند سماع تصريحات “مريخية” لن تسهم بإخراج “زير الصناعة من بيرها” العميق ولا تكسو الأبدان المتعبة من الغلاء.