تثبت الوقائع والأحداث بأن المراهنة على تغيير السياسات الأمريكية مع تغير الإدارات مجرد سراب سرعان ما يتلاشى ذلك لأن تلك السياسات تضع مصلحة أمريكا و”إسرائيل” في المرتبة الأولى ومصالح الدول والشعوب في المرتبة العاشرة.
ربما تكون تصريحات بايدن وإدارته قد اختلفت قليلاً عن لتصريحات الأمريكية في عهد إدارة ترامب، لكن الطموحات الأمريكية لا تزال متجهة لتحقيق استباحة العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ولا تزال السياسات الإسرائيلية العدوانية ومخالفة قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة تؤطر التصرفات الأمريكية وهذا ما يجعل الأمن والسلم الدوليين في خطر متزايد ولاسيما بعد تصاعد المنافسة الاقتصادية والسياسية والعسكرية وتعاظم قوة دول أخرى كالصين وروسيا وإيران والهند وطموح تلك الدول في إنهاء الأحادية القطبية.
الاستهتار الأمريكي بميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن هو الذي يزيد من بؤر التوتر حول والعالم ويبقي الأزمات الكبرى من دون حل، بل هو ما أوصل الأمور في غير منطقة من العالم إلى ما هي عليه من توتر.
أمريكا لا تحترم وعودها ولا مبادراتها وهي التي تقدم الدعم العسكري والسياسي للأعمال العدوانية التي تقوم بها “إسرائيل” على الفلسطينيين وعلى دول المنطقة وهي التي تتواجد بشكل غير شرعي على الأرض السورية وتحرم الشعب السوري من ثرواته وتستمر بسياسات القرصنة والعقوبات التي باتت مكشوفة ومرفوضة وتدفع الشعوب المظلومة إلى المقاومة بكل الوسائل المتاحة وتدفع قوى العالم الكبرى إلى مواجهة ستلحق الكوارث بالجميع.
بايدن لم يدن اعتداء جنود الاحتلال على رحاب المسجد الأقصى، ومصلاه الجنوبي والشمالي، واعتداءاته على المصلين بالرصاص وقنابل الغاز ما أدى إلى استشهاد وجرح مئات الفلسطينيين العزل، والاعتداء بالضرب على سكان الشيخ جراح لطردهم من بيوتهم.
هذا الانحياز الأمريكي واضح وهو مناف للمنطق الأخلاقي والإنساني والسياسي والقانوني بمناصرة ودعم كيان الأبارتايد.
لا شك أن من يؤيد ممارسات الاحتلال فهو مدان كما الاحتلال نفسه، قانونياً، وإنسانياً، وأخلاقياً، وسياسياً، لا بل سيبقى هذا الانحياز الأعمى وصمة في جبينه. و”إسرائيل” ومهما مارست من بطش وقوة فإن هذا لن يجعلها قادرة على طمس الحقوق العربية فالمعركة مستمرة، والحقائق لا تسقط بالتقادم أو تحت القوة فقد أثبت الشعب الفلسطيني بهبّته الأخيرة أنه شعب حي، ماض في مقاومته حتى استعادة حقوقه كاملة.