القدس هي البوصلة
لا تزال الأراضي الفلسطينية المحتلة تتصدّر واجهة الأحداث مع استمرار المواجهات الدامية بين الفلسطينيين المنتفضين وقوات الاحتلال في القدس ومختلف المدن الفلسطينية.
قوات الاحتلال اعتقلت عشرات المقدسيين ونكلت بهم، ودفعت بتعزيزات أمنية لقمع الاحتجاجات الفلسطينية التي اندلعت على خلفية طرد الفلسطينيين من بيوتهم بحي الشيخ جراح في عملية تهجير قسرية ممنهجة تشكل فصلاً جديداً من انتهاكات الاحتلال، يأتي ذلك فيما تصعّد قوات الاحتلال من انتهاكاتها الصارخة في القدس المحتلة ضاربة عرض الحائط بكل القوانين الدولية، ولتأتي ردود الفعل الدولية، كما جرت العادة، خجولة لا تتجاوز الإدانات اللفظية الممجوجة للكيان الإسرائيلي من دون حتى التلويح بممارسة أي ضغوط أو إصدار أي قرارات للجم الكيان عن الإيغال بانتهاكاته الممنهجة في القدس المحتلة.
ما يجري في القدس المحتلة وتحديداً في حي الشيخ جراح من تهجير قسري للفلسطينيين هو محاولة مكشوفة يريد الاحتلال من وراءها تغيير ديمغرافية سكان القدس للشروع بابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية واجتثاث الهوية الفلسطينية التاريخية.
ناهيك عن أن هذا يتماهى مع ما يجري في البلدة القديمة بمدينة الخليل، وفي الحرم الإبراهيمي، وفي نابلس وحول قبر النبي يوسف وفي الأغوار، وغيرها المئات من مشاريع الاستيطان التي لم تتوقف منذ احتلال فلسطين عام 1948، والتي كانت طيلة تلك السنوات تتدرج أمام أعين العالم الصامت، بدءاً بالاحتلال فالاستيطان إلى تهجير الفلسطينيين ومن ثم ابتلاع الأرض تحت مسمى “الضم”.
اليوم عادت البوصلة لتتجه إلى القدس رغم كل محاولات الاحتلال تغييبها عن المشهد، جبهات النضال مشتعلة وعلى رأس أولويات المقدسيين المنتفضين، مواجهة قطعان المستوطنين الذين يحشدون لتدنيس المسجد الأقصى المبارك غداً الاثنين للاحتفال بما يسمى “ذكرى الضم”، يأتي ذلك فيما يرابط أهالي حي الشيخ جراح لإفشال مخطط تهجير 500 مقدسي من بيوتهم.
يرابط الفلسطينيون بصدورهم العارية دفاعاً عن وجودهم الذي بات على المحك وسط تخاذل المجتمع الدولي عن نصرتهم..
ما يجري اليوم في القدس هو معركة على السيادة وعلى الحق الأزلي في الوجود والاستمرار على هذه الأرض، من خلال التمسك بالحقوق ومقاومة المحتل ورفض فرض حقائق جديدة على الأرض.