توجه أمريكي جديد باتجاه الخليج

يورد السيناتور الأمريكي الديمقراطي كريس ميرفي في مقالة له نشرها موقع “غلوبال ريسيرش” وترجمها للعربية موقع “البديل العراقي” أواخر نيسان الماضي، عدداً من المعلومات التي تشير إلى أن ثمة توجهاً، هو أقرب للانقلاب، في السياسة الأمريكية تجاه دول الخليج العربي.

يقول ميرفي: إن وزير الدفاع في إدارة الرئيس جو بايدن لويد أوستن يجري مراجعة للوضع العسكري للولايات المتحدة، ومن بين المطروح على لوائح تلك المراجعة تقليص القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة الخليج العربي، بما فيها إعادة النظر في تكاليف وفوائد تأسيس الأسطول الخامس الذي تقع قيادته في البحرين.

يضيف ميرفي: “مبدأ كارتر” الذي أقره الرئيس الأسبق جيمي كارتر في العام 1980، والذي قال فيه “أي قوة خارجية تسعى للسيطرة على منطقة الخليج سيعتبر هذا اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة، وسيتم صد هذا الهجوم بأي وسيلة ضرورية بما في ذلك القوة العسكرية”، هذا المبدأ “عفا عليه الزمن” وفقاً لتوصيف ميرفي نفسه.

لكن أهم ما جاء في تلك المقالة هو قوله “حان الوقت للاعتراف بوجود خلل مركزي في نهج الولايات المتحدة تجاه الخليج”، وهو يفسر ذلك الخلل بقوله “أهم أولويتين لمجلس التعاون الخليجي من هذه العلاقة هما: الحفاظ على المساعدة الأمريكية العسكرية لخوض حروب إقليمية بالوكالة، والحفاظ على الصمت الأمريكي تجاه السياسات الداخلية لتلك البلدان”.

تتأتى أهمية ما ورد في مقالة كريس ميرفي آنفة الذكر، والتي يمكن النظر إليها على أنها رسالة مباشرة للرياض بالدرجة الأولى، من أن ميرفي ليس شخصاً عادياً، فهو عضو لجنة مجلس الشيوخ الأمريكي للعلاقات الخارجية التي من بين أعمالها الإشراف على أنظمة المساعدات الأمريكية الخارجية، وكذا الإشراف على مبيعات الأسلحة والتدريب للحلفاء، بل لربما يمكن القول إن ميرفي قريب من دوائر صنع القرار السياسي الأمريكي في هذه الآونة، ولا أدل على ذلك من مرافقته مؤخراً للمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ في جولته الثالثة التي زار خلالها العاصمة العمانية مسقط مطلع هذا الشهر، فالفعل بحد ذاته مؤشر أيضاً على نفاذ رؤية ميرفي الذي لطالما عرف عنه هجومه على التحالف الذي تقوده السعودية في حربها على اليمن، وللأمر دلالاته التي تشير إلى أن إدارة بايدن ماضية في دفع سياساتها قدماً إلى الأمام في الخليج التي رسم سقوفها هذا الأخير عبر محطتين اثنتين، أولاهما أن بلاده سوف تقوم بمراجعة العلاقة القائمة مع المملكة السعودية، وثانيهما أن بلاده أيضاً سوف توقف دعمها للحرب التي تشنها السعودية ضد اليمن منذ ما يزيد على ست سنوات.

ما يشي به السياق هذا هو أن الولايات المتحدة باتت تجد نفسها عبر حمايتها لدول مجلس التعاون الخليجي في وضع محرج، وهذا يترتب عليه دفع أكلاف باهظة على أكثر من صعيد ليست المادية على رأس القائمة فيها، فالأكلاف السياسية المترتبة على دعم تلك الدول تبدو باهظة هي الأخرى لجهة تعالي الأصوات في الداخل الأمريكي التي تدعو إلى رفع الدعم عن أنظمة ليس لها هم أكثر من تصدير الفكر المتطرف إلى شتى بقاع العالم، والذي طالت شظاياه أمريكا نفسها في أيلول من العام 2001، وإذا ما كانت المليارات التي عاد بها الرئيس السابق دونالد ترامب من زيارته الأولى للرياض أيار من العام 2017، قد استطاعت تجميد “قانون جاستا” الذي أقرته إدارة سلفه باراك أوباما أواخر عهدها، فإن المعايير اليوم تغيرت، ولم تعد أكداس المال تفي بالغرض، فالوقت هو لدفع الأثمان المتراكمة التي ينتظر الجباة تحصيلها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار