لم يترك تجار الحرب منذ وضعت ظلها الثقيل الأسود على حياتنا، أي «عصة» أو نكبة معيشية تمر مرور الكرام إلا وكانوا خير من يتصيد في مائها العكر، فكانت بصماتهم حاضرة في كل وقت وأوان تحركها فقط روائح المال والربح الكثير بشهادة واقع سوق فوضوي يتكلم عن نفسه.
واليوم مع محاولات وزارة التجارة الداخلية فرض كلمتها على الأسواق والابتعاد عن المنطق العاطفي في ضبط التجاوزات الجسيمة وغيرها، مدعومة بقوة مرسوم حماية المستهلك الجديد، يتحرك التجار على كل المستويات بدعم من الغرف التجارية لإعادة دفة إدارة السوق إلى «عهدتهم» عبر إلغاء بعض العقوبات الرادعة وتحديداً عقوبة السجن، واستبدالها، والتي تتطلب حسب زعمهم تسهيلات وترغيباً، وهو ما كان يقدم لهم دائماً على «طبق من فضة» من دون أن نرى بوادر خير لقاء تقديم العطايا والامتيازات لأهل المال، فالمواطن لم يلمس سوى الغلاء والمخالفات الجسيمة سعراً ومواصفة، ويبقى التساؤل المشروع.. لماذا يرفع التجار صوتهم عالياً اعتراضاً على عقوبات لن تطبق إلا على المخالفين الذين يفترض بغرف التجارة الوقوف ضدهم حفاظاً على مكانتها وسمعتها العريقة مع التعاون مع الجهات المعنية لإرجاع الأسواق إلى وضعها الطبيعي بدل الوقوع في مطب الدفاع عن تجار مخالفين «أكلوا البيضة والتقشيرة»، متسببين بالتعاون مع بعض الفاسدين في زيادة حجم المعاناة على المواطن والخزينة في أشد الأوقات حرجاً.
مرسوم حماية المستهلك الجديد، يشكل فرصة دسمة لموازنة أحوال السوق وضبط أسعار السلع، ما يوجب على وزارة التجارة الداخلية والجهات المعنية بحماية المستهلك استثمار ذلك وقطع الطريق على المخالفين، خاصة أن القانون الجديد وُجد ليحمي التاجر النظيف والمستهلك معاً، فلمَ كل هذا الصراخ على قانون محق صدر في التوقيت المناسب بعدما عاث المخالفون في الأسواق فوضى.
rihabalebrahim@yahoo.com