استحقاقٌ مخضّبٌ بدماءِ الشُّهداءِ
ليس غريباً ولا عجيباً، بل هذا ما كان متوقعاً، فمع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 26 من أيار القادم، ومع تزامن اقتراب تطهير ما تبقى من الجغرافيا السورية من ذيول وفلول الإرهابيين، استعرت الحملات المغرضة على الدولة السورية رغم الحرب الكونية المستمرة منذ عشر سنوات عجاف لم يترك أعداء سورية أي نوع من أنواع السلاح المادي والمعنوي إلا واستخدموه.. وطبقوا كل أساليب الحصار الجائرة القذرة، وبدعم من ماكينات في الإعلام الغربي، والناطقة بالعربية، لشن الحرب الناعمة على الدولة السورية بكل خبث، ومع كل هذا وذاك صمد السوريون ورفضوا كل الضغوط لمصادرة قرارهم السيادي الحر.. وهذا ما يغيظ أمريكا وحلفاءها ومن يدورون بفلكها أكثر فأكثر.
إن محاولة الدول الغربية والنظام التركي وبعض المشيخات التشويش على الانتخابات الرئاسية أو محاولات تعطيلها تندرج بلا شك في خانة آخر فصول الحرب الإرهابية المستمرة على سورية.. وعليه فإن ما يروجونه أو يعلنون عنه مسبقاً وتشديد وتيرة الحصار الاقتصادي إنما يهدف إلى محاولة منع السوريين في عواصمهم من القيام بواجبهم الانتخابي تجاه وطنهم.. وفي ذات السياق يمكن قراءة منع السفارات السورية في دول الحصار والعدوان من فتح أبوابها للسوريين للمشاركة في الانتخابات.. وهذا يتناغم مع إستراتيجية واشنطن التي لا تسمح لداعمي الحرب الإرهابية على السوريين بالخروج من عباءتها..
إن ادعاء الدول الأوروبية بعدم شرعية هذه الانتخابات إذا لم تكن تحت إشراف الأمم المتحدة، هو موقف مسبق مرفوض جملة وتفصيلاً وعليه يحق لنا أن نتساءل: هل كانت الانتخابات الأمريكية -التي رافقها الكثير من الهرج والمرج والاعتراضات وأعمال العنف واقتحام مبنى «الكابيتول»- تحت إشراف الأمم المتحدة؟ بل متى كانت أمريكا وحلفاؤها يحترمون «المنظمة» ومجلس الأمن والمنظمات الدولية وينفذون قراراتها؟.. بل أين أمريكا والغرب؟ بل أين “المنظمة الأممية” من احتلال أمريكا للجزيرة السورية.. وتركيا للشريط الحدودي وإطلاق إرهابييها للقتل والنهب والسرقة، وآخرها قطع المياه عن مدينة الحسكة لليوم السادس عشر..؟!
رغم شدة الهجمة المستمرة والمتصاعدة كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية وما يرافقها من ارتفاع وتيرة الإجراءات القسرية أحادية الجانب غير الشرعية على السوريين لمعاقبتهم على وفائهم لدماء شهدائهم ولمؤسساتهم السيادية واستقلالية القرار السياسي؛ يتمسك السوريون بحقهم الدستوري ، وهم الذين لم يبخلوا بالثمين والغالي.. وقدموا القرابين للوطن منارات تضيء حتى تهتدي بها الأجيال القادمة، وهم اليوم أكثر تصميماً على إنجاح الانتخابات الرئاسية وإنجازها في موعدها، موجهين بذلك صفعة أخرى لأمريكا وحلفائها.
لاشك في أن إنجاز هذا الاستحقاق في وقته وموعده وفي هذه الظروف الحساسة هو انتصار آخر يُضاف إلى سجل الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في أرض المعركة.. وكما قدم بواسلنا دروس الشهادة بكل فخر واعتزاز، ها هم إخوانهم المدنيون يقدمون اليوم دروس الصبر والتحمل والمقاومة لمخططات أمريكا والصهيونية وهم عازمون على إفشالها.
إن قدرة الدولة السورية والسوريين على تنظيم الانتخابات الرئاسية للمرة الثانية (2014- 2021) في موعدها أكبر إنجاز، يدل على فشل الحرب الكونية رغم قسوتها.
ولا يبقى في الختام إلا القول: السوريون وحدهم من يملكون قرارهم السيادي.. وهم وحدهم أصحاب السلطة والسيادة. أما أمريكا والنظام التركي والدول الغربية فهي شريكة بتجويع وسفك الدماء السورية، وتالياً لا يحق لها إطلاقاً التدخل في شأن سوري سيادي دفع السوريون على مدار السنوات الماضية دماً غالياً للمحافظة عليه.