يحدث في عالم الفيسبوك

كثيرةٌ هي الطرائف التي تحدث في عالم الفيسبوك، طرائف تصل لحد (النهفات) أحياناً، ولو أردنا ذكر أمثلة لمثل هكذا نهفات، لاحتاج الأمر لأكثر من مساحة هذه الزاوية بكثير.. لكن حسبنا هنا أن نُذكر ببعضها، وليس معنى ذلك إنني ضد هذا العالم، بالعكس، فهذا العالم الذي يُطلق عليه (افتراضي)، هو من الحضور والوجود، بحيث يبدو أشدَّ واقعيّة من الواقع ذاته، وهو وإن لم يكن صورةً له، فهو على الأقل عالم موازٍ له.. بل هو في أحد صوره (برلمان) ليس للأفراد فقط، وإنما للشعوب أيضاً، يُمكن لمن يُريد أن يقيس مزاج الشعب وأمانيه، وهواجسه من خلاله..
من هذه النهفات، مُطالبة بعض المثقفين لكل (رواد الفيسبوك) على تنوعهم، بنشر النصوص العالية، وهم لا يملوّن يتحدثون عن ضجرهم من الـ(ما هبّ ودب) المنشورة على جدرانه، بل يطالبونهم بعدم التّسرع بوضع (اللايك)، إلا للنصوص الجديرة، ولا يترددون في الاستزادة، بالابتعاد عن المجاملات، ووضع (رأي نقدي حقيقي) على ما يُنشر.. هنا وكأن المطلوب من كل من ينشر (بوست)، إن يكون أديباً، وليس مطلوباً من أحد التعليق سوى النقاد فقط، وهذه نظرة إضافة إلى الحالة الإقصائية التي تشوبها، هي غير دقيقة، فهذه (الجدران)، أو كما يُطلق عليها هي أيضاً (صفحات شخصية)، وكما تُشير التسمية (شخصية)، بمعنى أنّ صاحبها حرّ أن ينشر عليها ما يقتنع به طالما لا يُسبب أذيةً لأحد، ويُبدي رأيه بالمنشورات التي تظهر أمامه بما يراه مُناسباً، أو حسب وعيه وفهمه للأمور، وأيضاً من دون تجريح أو إساءة لأحد.. وهنا أيضاً لا يعني إنّ هذا العالم – الافتراضي – لا تشوبه كل الأمراض الاجتماعية للعالم الواقعي..
ففي المُقابل، قد تنتقل (الأمراض) الواقعية إلى العالم الموازي، أو الافتراضي بسهولة، منها المُحاباة من دون تدقيق، كأن يمدح (مُعجب) صاحبة منشور، أو ظنّ أنها صاحبته، وهي تكون قد نقلته من مصدر آخر، ورغم أنها أحياناً تُشير إلى المصدر، ومع ذلك لا يتوانى صاحبنا المُعجب عن إطلاق صواريخ (القلوب الحمراء) وتأكيد سلامة الأنامل المُبدعة..
وربما من أكثر (النهفات) طرافة، تلك الشهادات والأوسمة والجوائز التي تمنحها (روابط – غروبات) تدعي أنها ثقافية لأعضائها، لاسيما (العضوات) منهم، شهادات إلكترونية توزّع بسخاء لا حدود ولا نظير له، غير أن النهفة الأشد، عندما يُصدق صاخب الجائزة الحكاية، ومن ثمّ يُدونها في سيرته الشخصية كإحدى إنجازاته الإبداعية، بل يُطالب الآخرين بمعاملة (إنجازاته) على أساس هذه الشهادات والجوائز..
مُتناسياً، أو عن جهل لا يوصف؛ إنّ هذه المنتديات والكروبات “الفيسبوكية” لا تملك الأهلية العلمية والقانونية لمنح الناس ألقاباً أو شهادات، لكن المشهد الأكثر كوميديا؛ أن أصحاب هذه الجوائز والألقاب، يحتفلون بها وتنزل عليهم التبريكات والتهاني كزخ المطر .. ويحدث في عالم الفيسبوك الكثير!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار