أرقام مبشرة .. ولكن!
كل المؤشرات الزراعية حتى اليوم تدل على أن المحاصيل على اختلاف أنواعها وأشكالها جيدة من حيث الكم والنوع، ما يستدعي من الجهات المعنية في وزارات التجارة والزراعة والصناعة والنقل أن تكون على مستوى الحدث تصنيعياً وتسويقياً.
هذه الأرقام المبشرة للإنتاج الزراعي تعيدنا إلى سكة الاكتفاء الذاتي؛ وربما مع زيادة بكميات بعض أصناف الخضار والفواكه يتم توضيبها بطريقة جذابة ليكون لها الأفضلية في الأسواق الخارجية، كما أنها تؤكد مدى قدرة الاهتمام الحكومي على فعل الكثير في قطاع مهم بالنسبة لجميع المواطنين وليس المزارعين فقط، وتبرهن على أن الموارد الطبيعية السورية تكفي الجميع؛ فيما لو تمت إدارتها بطرق مثالية وفنية سليمة، على أن تكون هذه الإدارة مقوننة ومنظمة لكي تكون منارة للمواسم القادمة لا طفرة تنتهي حين يخبو الاهتمام بها أو يتحول إلى قطاع آخر.
وهنا لابدّ من الإشارة إلى أن البيئة الزراعية والبنى التحتية لزيادة الإنتاج بشقيه الزراعي والحيواني جاهزة للوصول إلى هذه النتائج المرضية، ولم يكن ينقصها سوى توجيه سهام الدعم الزراعي إلى هذا القطاع لتصيب هدف الاكتفاء الذاتي في منتصفه ونصل إلى ما هو قادم من خيرات وفيرة.
من المفروض أن تعود هذه الوفرة الزراعية بالنعمة السعرية على المستهلك؛ لكن في الوقت ذاته – ربما – تعود بالنقمة الإنتاجية على الفلاح؛ ولا أعتقد أن تحقيق التوازن بين هذه المعادلة الأزلية بخافٍ على الجهات المعنية، لكن الذي يحصل أن بعض التجار في أسواق الهال يحاولون خلخلة هذه التوازن لمصالحهم الشخصية من دون إعطاء أي أهمية لمصالح الفلاحين والمستهلكين والمؤسسات الرسمية؛ التي تعمل ليل نهار من أجل إعادة التوازن إلى عمليات الإنتاج والتسوق بما يرضي المزارع والمنتج والتاجر والمستهلك، وتالياً الاستمرار بهذه المنظومة الاقتصادية وفق أحكام القوانين النافذة وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي الوطني.
وليس ما يحدث مع مزارعي البندورة المحمية إلا جزء بسيط من استغلال بعض التجار لمشكلات التسويق والنقل التي في حال استمرت لحين نضوج المزروعات الصيفية سيكون المشهد أشمل والمشكلات أعم وربما تطول معظم المحافظات؛ ما يستدعي حلولاً عاجلة كالتي بادرت إليها المؤسسة السورية للتجارة مع مزارعي البندورة في سهل عكار .. ولكن بإمكانات أكبر ومجال عمل أوسع وبرنامج تنفيذي سنوي.