مبادرات خيرية بالجملة من «أهل المال» خلال شهر رمضان الكريم من باب المسؤولية الاجتماعية الغائبة، وهو أمر يستحق التقدير وخاصة بعد شح جيوبهم الشديد طوال سنوات الحرب على سورية, ويزيد الطين بلة شفط التجار الجشعين قروش الفقراء عبر زيادة جرعات الغلاء في كل حين وآخر، وهنا قطعاً لن نقول: «عفا الله عما مضى», لكنهم «بيّضوها» في ظل التعاون الجماعي بين المؤسسات الرسمية والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية لإقامة أسواق الخير في المدن جميعها للمساهمة في عيش الأسر المستورة الحال طقوس الشهر الكريم « ولو من قريبه».
إقامة أسواق الخير بالتزامن مع بدء تطبيق المرسوم رقم 8 الخاص بتنظيم الأسواق وضبط الأسعار لكونه يتضمن عقوبات مشددة على التجار المخالفين، تعد خطوة جيدة لنصرة المستهلك في ظل التوقعات المتفائلة بحصول انخفاض تدريجي لأسعار السلع بالتوازي مع هبوط سعر الصرف المستمر، وهو أمر يفترض أن يرافقه قيام التجار من تلقاء أنفسهم بإطلاق مبادرات أو أقله تنزيل أسعار بضائعهم تماشياً مع الوضع الجديد والتخلي عن أرباحهم الخيالية عن طيب خاطر، وعموماً تبدو النقطة الأخيرة صعبة التحقق إذا لم تلتقط وزارة التجارة الداخلية الفرصة التي منحها إياها المرسوم لإعادة هيبتها إلى السوق وتبادر بالأدوات القوية المقدمة لها إلى سحب إدارة دفة الأسواق من حيتانه، على نحو يلمس المواطن تغيراً فعلياً في نية هذه الوزارة في حمايته، وعلى الأقل تعمل حسبما تضمنه المرسوم وآلياته التنفيذية بلا زيادة ولا نقصان أو تحريف حسب مصالح بعض الفاسدين، ما يتوجب في حال عدم الإيفاء بمسؤولياتها محاسبة المقصرين عند التقاعس عن استثمار هذه الفرصة الكبيرة الضامنة لصون حقوق المواطن وتأمين لقمة عيشه بدل سرقتها من تجار الأزمات على عيون التموين والغرف التجارية.
ضبط الأسواق وتخفيض أسعار السلع على نحو يعيدها إلى قائمة عادات المواطن الغذائية، سيؤدي حكماً إلى تحسن طفيف في معيشته، لكن في المقابل لا مفّر حتى يتنفس ذوو الدخل المحدود الصعداء مجدداً من زيادة رواتب وازنة تنعش الجيوب المعدومة وتمكّنها من توسيع نطاق شرائها احتياجاتها الأساسية، فهل ستحمل الأيام القادمة إبصار هذا القرار النور في غمرة سماع العديد من الأمور الإيجابية بعد نكبات ومطبات كثيرة خانقة، لعلّ الفرج المعيشي يتحقق وصولاً إلى إيجاد طرق فعالة لكسر الحصار الاقتصادي الظالم بالركون إلى وصفة الخلاص المجربة المتمثلة بالاعتماد على الذات زراعياً وصناعياً.